للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك (١). ومهما كان الأمر فإن بركات الشريف قد كتب أيضا عن ثورة قسنطينة سنة ٩٧١، وسنة ٩٧٥، وعن ثورة ابن الصخري سنة ١٠٤٧، وأرخ لباشوات الجزائر إلى وقته هو، وقد كان مواليا للعثمانيين حتى اعتبره أحمد

الأنبيري (مؤرخ عروج والولاة الأتراك الذين خلفوه على حكم الجزائر) (٢)، وقال بير بروجر انه قد يكون هو الذي ترجم غزوات عروج وخير الدين من التركية إلى العربية. ولكن هذا خطأ أيضا لأننا عرفنا أن الذي أمر بترجمة الغزوات إلى العربية هو الشاعر المفتي ابن علي في القرن الثاني عشر. ومهما كان الأمر فإن تأليف بركات الشريف يعتبر هاما في هذا الميدان لأن ما اطلعنا عليه منه يدل على عنايته بدقائق الأمور واتباعه طريقة السنوات، وتسجيل مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها الجزائر.

وقد حظيت ثورة ابن الصخري بتأليف في شكل (مذكرات) كتبها الشيخ عيسى الثعالبي الذي كان، كما قلنا، مناصرا للأتراك ضد الثوار. وكان الثعالبي قد بعث بهذه المذكرات إلى أستاذه بعنابة (أو قسنطينة) عندما كان هو في نقاوس. وكان أستاذه هو علي بن محمد ساسي البوني. ومما ذكره في المذكرات معركة كجال الشهيرة التي كانت بين العرب والترك، كما ذكر تجمع الثوار عند أبواب قسنطينة، ووصف خسائر العرب والترك. ومما يؤسف له أن هذه المذكرات في حكم الضائعة الآن (٣).

وفي أوائل القرن الحادي عشر بدأ أحمد المقري يكتب تاريخ تلمسان،

وهو في المغرب الأقصى، ثم توقف عن ذلك لأسباب لم يفصلها، ولعلها هي الحوادث التي جرت بالمغرب وأجبرته على الهجرة إلى المشرق باسم الحج، كما أشرنا. وقد سمي المقري هذا الكتاب (أنواء نيسان في أنباء تلمسان). وأخبر هو عن ذلك في كتابه (نفح الطيب)، بأنه كتب بعضه عندما كان بالمغرب ثم حالت بينه وبين إتمامه عوائق (حالت بيني وبين ذلك العزم


(١) نفس المصدر، ٣٥٢.
(٢) (علاج السفينة في بحر قسنطينة) مخطوط خاص.
(٣) اطلع على بعضها فايسات وترجم منها إلى الفرنسية، انظر (روكاي)، ١٨٦٧، ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>