أحد الكتاب في إدارة الباي. ولا شك أنه أضاف إلى مصادره الشفوية والمكتوبة تجربته هو الخاصة. ولم يقسمه إلى فصول أو أبواب لأنه في الواقع كان يسجل الحوادث في شكل يوميات أو مذكرات، وإنما اختار لعمله ترتيبا آخر وهو الحوادث مرتبة أيضا على الشهور. فقد ابتدأ من الحصار خلال شهر صفر سنة ١٢٠٥، وانتهى بالاستيلاء على وهران من قبل المسلمين في ٢٧ فبراير ١٧٩٢. وقد اختار لكتابته أسلوب السجع، كما أنه استعمل النثر العادي. وجاء في الكتاب أيضا باستطرادات وحشو مما أثقل النص. ولكن ابن زرفة كان على اطلاع واسع ويتمتع بحافظة قوية، فكتابه إذن ليس مجرد سرد لحياة الباي وحركة الفتح.
فقد بدأ العمل بغزوات الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليظهر تطابق ما قام به الباي مع سيرة الرسول، وأورد الأحاديث النبوية الدالة على الجهاد ونصرة الإسلام، وجاء ببعض الرسائل التي بعث بها الباي وأوامره، بالإضافة إلى بيان أسباب الحملة على وهران، ومدح الباي بما يناسب مقامه عنده، وأخذ عن ابن خلدون معظم الأخبار المتعلقة بمدينة وهران، ومن هذه المقدمة العامة التي تدل على حفظه واطلاعه انتقل إلى موضوعه الرئيسي مبتدئا بشهر صفر سنة ١٢٠٥، وهو يمثل بداية الحملة، والملاحظ أن ابن زرفة، الذي كان يرافق جيش الطلبة وليس الجيش العام، قد ركز في كتابه على دور الطلبة ومشاكلهم
ومطالبهم وحتى نزاعاتهم، وكان ذلك على حساب الحوادث العسكرية التي دارت بين الجيش الإسلامي والجيش الإسباني، وقد ختم كتابه بقصيدة في الفتح ومدح الباي.
ويعتبر أحمد بن سحنون من أبرز من خلد فتح وهران الثاني ومناقب الباي محمد الكبير. فأثناء الفتح نظم ابن سحنون أرجوزة أشاد فيها بالباي وبالفتح على يديه، بدأها بقوله:
حمدا لمن أزر نصر الدين ... ودان ناصريه أسنى الدين وفتح الأظار بالجهاد ... حتى غدت لينة المهاد