للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن الباي قد لاحظ أن القصيدة مكسورة الوزن ركيكة العبارة وأن أبا راس يجيد النثر أكثر مما يجيد الشعر فأشار عليه بوضع شرح للقصيدة يحل ألفاظها ويقرب معانيها، فقام أبو راس بذلك وانتهى من عمله سنة ١٢٠٦ أي خلال سنة واحدة تقريبا.

قسم أبو راس شرحه على القصيدة إلى جزئين، تناول في الأول قيمة التاريخ وتدوينه ومدونيه من المسلمين والفرس والروم وبني إسرائيل والبربر،

وذكر الدافع إلى تأليف الشرح وكيف نظم القصيدة وتسمية الشرح بـ (عجائب الأسفار ولطائف الأخبار)، وتعرض في الجزء الأول أيضا إلى إنشاء وهران والدول التي تداولت عليها وما دهاها من (الأمور العظام الطوام، والنوائب العظام ومدة الكفر وأهل الإسلام) (١)، والواقع أن أبا راس قد أظهر في هذا الجزء قدرته على الحفظ والسرد، فقد تكلم عن حدود المغرب القديمة وعن البحر الأبيض، ومصر وبرقة وفزان، وعلاقة بني إسرائيل بالروم، وأنساب

الأولين، ثم انتقل إلى بايات الغرب الجزائري, وكفاحهم ضد الإسبان، وهو يشيد بالعثمانيين، وخصوصا خير الدين وخلفه، وينقل عن كتب القدماء مثل ابن خلكان والتنسي، ويتحدث عن قبائل المغرب وسكان الأندلس، ونحو ذلك من الأخبار العامة، ولكنها متصلة بما كان يكتب عنه.

أما الجزء الثاني من (عجائب الأسفار)، فهو يكاد يكون خاصا بفتح وهران وسيرة الباي، ولكنه مع ذلك لم يسلم من الأخبار العامة والاستطراد، فقد قال عن هذا الجزء انه يشتمل (على الفتح العظيم والفخر الجسيم، ومدح من .. فتحها (يعني وهران) الباي سيدي محمد بن عثمان). غير أنه تناول فيه أيضا أخبار بلاد السودان وعادات الطوارق والصحراء والتجارة بين المنطقتين، وتحدث عن ملوك الثعالبة، وتاريخ تلمسان، وكان قد أورد في هذا الجزء أيضا بعض أخباره الخاصة في الحج، ولذلك يعتبر هذا الجزء هاما في دراسة حياة أبي راس نفسه.


(١) ورقة ٨٠ من الجزء الأول، مخطوط الجزائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>