العلم والولاية). وترجم فيه لأكثر من سبعين شخصا من العلماء الصالحين والمتصوفة الحقيقيين إلى العلماء الجهال والأولياء الدراويش. وغطى فيه تراجم القرن العاشر وبداية الحادي عشر فقط، أي إلى وقته هو، مبتدئا بجده وعمر الوزان ومحمد التواتي، وخاتما بمعاصريه أمثال أحمد المقري ومحمد ساسي البوني. وقد قسم الكتاب إلى فصول، ولم يتبع فيه التظام الأبجدي. فكأنه كان يدرس ظواهر وموضوعات ولا يكتب تراجم جافة وسيرا جامدة فيها الولادة والوفاة، وبعض الأعمال والمؤلفات. رتب الفكون كتابه على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة. ففي المقدمة بين دافع التأليف، وهو تكاثر أدعياء العلم وأدعياء التصوف. وجعل الفصل الأول (فيمن لقيناه من العلماء والصلحاء المقتدى بهم، ومن قبل زمنهم، ممن نقلت إلينا أحوالهم وصفاتهم تواترا، أردنا التنبيه عليهم، وذكر ما كانوا عليه وزمانهم وتواريخ وفاتهم). وخص الفصل الثاني بـ (المتشبهين بالعلماء، وهم الذين قصدنا بهذا التقييد إيضاح أحوالهم). وجعل الفصل الثالث (في المبتدعة الدجاجلة الكذابين على طريق الصوفية المرضية). أما الخاتمة فقد خص بها (إخوان العصر وما هم عليه)(١).
وطريقة الفكون في هذه التراجم أنه يبرز معالم الشخص الذي يترجم له تحسيتا أو تقبيحا. فهو يذكر الشخص وأصله وبلده وتعلمه وشيوخه ومواقفه وعلاقاته. ويروي بعد ذلك أخبارا عنه وحكايات جرت له مع معاصريه ومع الحكام، حسب عنوان الفصل الذي جاءت فيه الترجمة. فإن تحدث عن أهل الصلاح جاء بأخبارهم وكراماتهم وإنصافهم للحق ومواقفهم المتشددة من أجل الدين والحقيقة. وإن كان يصف أهل الدنيا والجاه من العلماء الجهال جاء بأخبار صلاتهم بالأمراء والحكام والمناصب وقبولهم الرشوة والتهاون في الدين والأخلاق. وإن كان يتحدث عن أهل الولاية الكاذبة ذكر أخبار دجلهم وخرافاتهم وابتداعهم ونفاقهم وأكلهم أموال الناس بالباطل وحتى
(١) (منشور الهداية) ٥. مخطوط بالمكتبة الوطنية - الجزائر، غير مرقم. عن ترجمة الفكون انظر الفصل السادس من الجزء الأول.