ذلك، وهو في المغرب الأقصى. واشتغل على هذا الكتاب المتعدد الأجزاء بين ١٠١٣ و ١٠٢٧، وهو تاريخ رحيله إلى المشرق الذي لم يعد منه. ومن الحديث عن القاضي عياض استطرد المقري فتحدث عن الأندلس، وأخبار لسان الدين بن الخطيب وأحوال المسلمين في نهاية حكم الأندلس، كما ترجم أثناء الكتاب لعدد من الشخصيات الهامة مثل ابن الأزرق والقلصادي. فرغم أن الكتاب عن القاضي عياضى فإنه في الواقع موسوعة أدبية وتاريخية للأندلس والمغرب تضم نصوصا كثيرة لا توجد في غيره.
وما دام المقري قد ألف الأزهار وهو في أول عهده بالتأليف وفي وضع سياسي خطير حيث قال وكانت (الأرض تميد اضطرابا واختلالا)، فإن كتابه قد ضعف من وجهين: ضعف المنهجية والاستطراد. فقد سماه (أزهار الرياض، في أخبار عياض، وما يناسبها مما يحصل به ارتياح وارتياض). ولا شك أن تعبير الشطر الثاني من العنوان قد جعل المؤلف يجلب لكتابه كل ما يعتقد أنه يأتي فعلا بالراحة والارتياض على حساب وحدة الموضوع وتسلسل الأحداث. وهو لذلك قسمه إلى رياض وليس إلى فصول أو أبواب. وكان المقري يدرك ذلك لأنه لاحظ أنه لم يسبق إلى مثل طريقته وأنه لم يقلد ما عرف في التراجم. وهكذا جاء الكتاب في ثماني رياض على النحو التالي: روضة الورد في أولية هذا العالم الفرد، وروضة الأقحوان في ذكر حاله في النشأة والعنفوان، وروضة البهار في ذكر جملة من شيوخه الذين فضلهم أظهر من شمس النهار، وروضة المنثور في بعض ما له من منظوم ومنثور، وروضة النسرين في تصانيفه العديمة النظير والقرين، وروضة الآس في وفاته وما قابله به الدهر الذي ليس لجرحه من آس، وروضة الشقيق في جمل من فوائده ولمع من فرائده المنظومة نظم الدر والعقيق،
وروضة النيلوفر في ثناء الناس عليه وذكر بعض مناقبه التي هي أعطر من المسك الأذفر (١). فكأن المقري أراد أن يأتي بجديد في طريقة تأليفه