تسمية عمله (تقييدات)، لأنها في الواقع كذلك. فهو لم يقم بتأليف تقليدي فيه المقدمة والأبواب والفصول والخاتمة. كما أنه لم يكتب جريدة أو مذكرات، كما فعل ابن حمادوش، وإنما سجل ما ظهر له وما تذكره من أمور تتعلق بالحكام والعلماء والمجتمع والعلاقات الخارجية والحياة الاقتصادية والثقافية وهو في مركز هام مثل مدينة الجزائر عاصمة أكبر دولة عندئذ في المغرب العربي.
ومما نشر حتى الآن عن ابن المفتي نفهم أن تقييداته قد قسمت إلى ثلاثة أقسام: مقدمة، وقسم العلماء والمجتمع، وقسم الباشوات والحياة السياسية والاقتصادية. وفي خطبة الكتاب أو المقدمة تحدث عن دوافع التأليف وحالته النفسية والعائلية وصلته هو بالكتابة. وقال على سبيل التواضع انه غير مؤهل لمثل هذا العمل وإنه ليس أفضل من يكتبه. ومع ذلك أقدم عليه لأنه لم يجد ما يفعله غير الكتابة. كما أنه ذكر الأشياء التي أوردناها عن والده وجده وزيارة مسقط رأس جده وغير ذلك من الأمور المتصلة بالعائلة. ولا ندري أي القسمين ورد الأول: قسم العلماء أو قسم الباشوات (١). ذلك أن ديفوكس ونور الدين عبد القادر اللذين استفادا من القسم الأول لم يوضحا هذه النقطة. ويبدو أن كلا منهما قد اطلع على قسم العلماء مستقلا تماما عن بقية الكتاب. ونحن نرجح، رغم أن الدليل يعوزنا، أن ابن المفتي قد انتقل، بعد الخطبة، إلى الحديث عن قسم العلماء لأن ذلك متصل بحياة والده الذي كان منهم، ثم جاء بقسم الباشوات باعتباره قسما ثالثا في الكتاب. ولا ندري أيضا ما إذا كان للكتاب خاتمة.
وما دام الكتاب لم يعثر عليه كله بين دفتين فمن الصعب وصف حجمه وأسلوب صاحبه وطريقة بدايته ونهايته، فقد أخبر ديلفان أن النسخة التي عثر عليها معروضة للبيع ضمن أوراق ديفوكس، تحتوي على تسع ورقات
(١) ذكرنا من قبل أن ديلفان قال إنه وجد في نسخته خطبة الكتاب متبوعة بتاريخ الباشوات.