عائلة المسعود بن عبد الرحمن، وعائشة. وقد قال عن عيوشة التي توفيت له في تونس أثناء عودته من الحج، إنها كانت تحفظ ربع القرآن وتحفظ أيضا الوظيفة الزروقية وجزءا من رسالة ابن أبي زيد القيرواني. وكان له أبناء أحدهم، هو محمد كان متزوجا من فاطمة، أخت عيوشة المذكورة. وقد ذهب معه إلى الحج وروى كيف كان خائفا عليه من اللصوص في الجزيرة العربية.
ألف الورثلاني عدة كتب معظمها في الفقه والتصوف والتوحيد وقد أشرنا إليها في مكانها من هذا الكتاب. وأكبر عمل ألفه في التاريخ والأخبار هو الرحلة التي نحن بصددها. وكان له شعور قوي بالتاريخ، خلافا لبعض علماء عصره. فعزم على أن يكتب عملا ضخما يضاهي به أو يفوق عمل الدرعي والعياشي وغيرهما من كتاب الرحلة المغاربة. وقد سمى رحلته تسمية تلفت نظرنا ونحن بصدد دراسة التاريخ، وهي (نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار). وانتقد في المقدمة، كما مر في بداية هذا الفصل، عدم اهتمام أهل بلاده بالتاريخ وسخريتهم من دراسته ودارسيه، بينما علم السيرة النبوية جزء منه. واعتبر هو علم التاريخ من العلوم التي تزيد في فضل الإنسان وتبعده عن القبائح. فكان هذا رأيا غريبا من الورثلاني الذي كان مهتما بالتصوف وعلوم الباطن أيضا.
حج الورثلاني مرتين (أو ثلاث مرات) الأولى سنة ١١٥٣ والثانية سنة ١١٦٦ والثالثة سنة و ١١٧. وفي إحدى هذه الحجات اضطر إلى الرجوع من تونس. وكان قد سافر بالبر لأنه وصف طريقه بالتفصيل. وقد مر الورثلاني في طريقه، بعد أن ودع وداعا حارا عائليا وشعبيا، بقصر الطير حيث آلاف الحجاج من جميع الطبقات والجهات. وقصد سيدي خالد وأولاد جلال وبسكرة، ومنها إلى سيدي عقبة فزريبة الوادي فزريبة حامد، ثم توزر وقابس. وبعد ذلك تابع سيره على الساحل الليبي متوقفا بطرابلس وبرقة. وقد وصف الورثلاني هذه الأماكن بالتفصيل، كما وصف مصر وأهلها وعلماءها وعاداتها. ومن مصر توجه إلى الجزيرة العربية وتحدث عن ساحل