البحر الأحمر وعن القرى والمدن التي تحاذيه وعادات القبائل هناك مع ركب الحجيج المغربي والمصري. كما تحدث، كلما اقترب من مكة، عن العيون والآبار والحياة السياسية والزراعية في المناطق التي مروا بها. وبالإضافة إلى ذلك تحدث عن مكة أيام موسم الحج وعن المدينة وحياتها، وعن العلماء الذين لقيهم. وكان يرغب في الإقامة بالمدينة غير أن أهله لم يتركوه يفعل فاضطر إلى العودة معهم. وقد تحدث هناك عن فقدان الأمن في الطريق ووفرة الماء وقلته ومقابلته لأمير مكة ولأمير فزان، وعن عادات المصريين مع المغاربة.
اعتمد الورثلاني في هذه الرحلة على مصادر كثيرة، فعن الجزائر اعتمد بالطبع على مشاهداته الخاصة، وعلى ما رواه له العلماء الذين لقيهم فيها. وقد طاف فيها كثيرا من غربها إلى شرقها. وكان يهتم خاصة بالزوايا والمرابطين وحياة العامة مع السلطة العثمانية. ومن الكتب التي اعتمد عليها أيضا (عنوان الدراية) للغبريني، و (النبذة المحتاجة في ذكر ملوك صنهاجة) و (الوغليسية) بشرح عبد الكريم الزواوي. أما عن أخبار طريق الحج وتونس ومصر وطرابلس والجزيرة العربية فقد اعتمد على (رحلة) الدرعي بالخصوص، ثم العياشي وعلى (حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة) و (الأدلة السنية) لابن الشماع وكذلك اعتمد على مؤلفات المقريزي والبكري، والعبدري، والسمهودي وابن فرحون، والشطيبي. كما أنه رجع إلى مصادر أخرى لم يذكرها. وقد أكثر الورثلاني من النقل على الدرعى الذي كان أحيانا ينقل عنه الصفحات كاملة، ويسميه (شيخ شيوخنا).
وقد بين الورثلاني في المقدمة أنه كان ينوي كتابة رحلة عظيمة تكون مفخرة له ولبلاده، ولكنه سرعان ما ظهر عليه الفتور، وأكثر من النقل والاستطراد، وتداخلت معلوماته. (وبعد فإني لما تعلق قلبي بتلك الرسوم والآثار، والرباع والقفار والديار، والمعاطن والمياه والبساتين والأرياف والقرى والمزارع والأمصار، والعلماء والفضلاء والنجباء والأدباء من كل مكان من الفقهاء والمحدثين والمفسرين الأخيار، والأشياخ العارفين والأخوان والمحبين المحبوبين من المجاذيب المقربين والأبرار، من المشرق