للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى المغرب سيما أهل الصحو والمحو إذ ليس لهم مع غير الله قرار - أنشأت رحلة عظيمة يستعظمها البادي ويستحسنها الشادي، فإنها تزهو بمحاسنها عن كثير من كتب الأخبار، مبينا فيها بعض الأحكام الغريبة والحكايات المستحسنة والغرائب العجيبة وبعض الأحكام الشرعية، مع ما فيها من التصوف مما فتح به علي أو منقولا من الكتب المعتبرة) (١) ولا ندري إن كان الورثلاني قد ألف هذه الرحلة دفعة واحدة أو على مرات. فهو يذكر أن دفترا قد ضاع منه في ليبيا أثناء عودته وكان يحتوي على ملاحظات حول أماكن الماء ببرقة. كما أخبر كذلك أنه كان يغتنم فرصة استراحة القافلة ويكتب ملاحظاته. ولعل الورثلاني كان يأخذ أثناء الحج ملاحظات في شكل مذكرات وتقاييد حتى لا تفلت منه المعلومات، وعندما عاد إلى وطنه أخذ في كتابة الرحلة أو في إملائها. ويبدو أنه كان يمليها على تلاميذه وأنه لم يراجع ما أملاه، لذلك كثر التكرار والأخطاء وتداخل المناسبات (٢). ولعل الكبر قد حال دون المراجعة، رغم أن الإملاء قد تم سنة ١١٨٢.

وكان الورثلاني عند كلمته، ولا سيما بالنسبة لأخبار المتصوفة. فقد خصص قسما كبيرا من رحلته لأخبارهم في الجزائر وغيرها. وتحدث أيضا عن الخرافات والغيبيات والكرامة المنسوبة إليهم. وتحدث عن شروط الساعة، وكتب بعض مذكراته عند قبر بعضهم تبركا به، وعزم على صيام الدهر، وقال عن الحمى التي أصابته في المدينة إنها هدية من الرسول إليه، وأقر بنبوة خالد بن سنان العبسي، وتوجه بقلبه وروحه لزيارة قبر عبد الرحمن الأخضري، وقبر عقبة بن نافع، وغيرهم من الأولياء والصالحين. وناقش


(١) الورتلاني، المقدمة، ٣.
(٢) يذهب الحاج صادق في دراسته لرحلة الورتلاني إلى أن هذا لم يكن يعرف العربية جيدا، وهو ادعاء غير صحيح في نظرنا، لأن الورتلاني كان من الفقهاء العاملين، ولم تكن الأخطاء نتيجة جهله بقواعد اللغة ولكن لعدم مراجعة الكتاب بعد الفراغ منه، وكان قد أملاه على من لم يكن يحذق اللغة. انظر الحاج صادق (المجلة الإفريقية)، ١٩٥١، ٣٩٠ - ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>