للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد لاحظ الأوروبيون العناية بأنواع العلاج الخارجي في الجزائر. فقد كاذ الجزائريون يتغلبون على الحمى بنبات الشندقورة ونحوه، والرضوض بالكي، والجروح بصب الزبدة الساخنة، والجدري بحفظ المريض في حالة دفء وإعطائه حبات من الكرميس في العسل. كما يعالجون للتورم والالتهاب بأوراق بعض النباتات. وكانت الحناء وسيلة لعارج الحروق والجروح البسيطة (١) وقد فصل ابن حمادوش في معجمه (كشف الرموز) القول في أنواع النباتات والعقاقير وكمياتها وطريقة استعمالها. وكانوا يتغلبون على لدغة العقرب والأفعى بوضع البصل والثوم على مكان اللدغة. كما كان العسل وسيلة كبيرة للعلاج. وكانت للنساء قوابل معروفات بالمهارة. أما على المستوى العام فإن الحكومة كانت تلجأ لحفظ الصحة إلى الحجر الصحي عندما تعلم بانتشار الطاعون والأمراض المعدية في إحدى السفن الداخلة إلى الجزائر.

وكان كبار المسؤولين في الدولة يهتمون بشؤون صحتهم الخاصة ويصطنعون لهم الأطباء كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا. حقا إنهم لم يشجعوا دراسة الطب في المدارس ولم ينشئوا أكاديميات طبية للبحث، لكنهم كانوا مهتمين فقط بالأسباب العاجلة. لذلك نقرأ في الوثائق أن بعض الباشوات والبايات قد جلبوا أطباء أوروبيين بالشراء ونحوه. ومعظم هؤلاء الأطباء كانوا يأتون أسرى عند النزاع البحري، ولكن بعضهم كان قد استجلب من بلاده أو كان مقيما في الجزائر لأغراض تجارية أو سياسية. فقد روى لوجي دى تاسي أنه كان للباشا بابا علي طبيب جراح فرنسي كان قد وقع أسيرا (٢). كما قيل إن الطبيب الإنكليزي بودوين كان طبيبا للباشا حسين (٣). وقد عرف


= الطب على الأوروبيين موجودة أيضا عند ابن العنابي وحمدان خوجة. انظر كتابنا (المفتي الجزائري ابن العنابي)، الجزائر ١٩٧٧، ط ٢، ١٩٩٠.
(١) شو، ٣٥٧ - ٣٦٢.
(٢) لوجي دي تاسي (تاريخ)، ٢٢٥.
(٣) انظر (قصة وصول الباخرة لابروفانس إلى مرسى الجزائر) باريس ١٨٣٠، ٦٩ تعليق ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>