للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الجزائر. وقد شهد أن التعليم العربي - الإسلامي كان منتشرا في المدن والأرياف وحتى في الخيام. وكانت المدارس والزوايا تضم المخطوطات أيضا. ولكن كل ذلك تغير، حسب رأيه، فالحملات العسكرية بعثرت كل تجمعات الطلبة والعلماء. ولم يبق إلا بعض المدارس التي لا تقدم سوى تعليم غير كامل على الإطلاق. ذلك أن دراسة الدين قد أهملت، بينما لا يمكن فهم الدين إلا بالرجوع إلى الشروح التي يجب لفهمها إتقان اللغة العربية. وأصبح المتعلمون نادرين تدريجيا. وبذلك كثر أعداء فرنسا، حسب قوله. أما عن المخطوطات فقد قال أنها أيضا تبعثرت وأتلفت في معظمها، وكانت هي أساس التعليم (١). وقد جاء في تقرير الجنرال دوماس أنه بعد عشرين سنة من الاحتلال لم يعد في إمكان السلطات الفرنسية أن تجد من توظفه في القضاء إلا بصعوبة. وتمثل ذلك في الشؤون الدينية والتعليمية الأخرى. أما عن الأدب والثقافة والفن فلا حديث.

وتؤكد مختلف الكتابات الفرنسية على هذا التحول الذي أصاب التعليم العربي - الإسلامي نتيجة الاحتلال. وقد جاء في إحداها أن التعليم التقليدي (وهو هذا الذي سميناه الأصلي) قد توقف عن أداء مهمته، لظروف الحرب من جهة، والاستيلاء على الأوقاف من جهة أخرى، وهجرة المعلمين أو نفيهم من جهة ثالثة. فقد خربت المدارس الثانوية (وهي التي كان منها يتخرج العلماء)، وغادر المتعلمون الزوايا القريبة من مراكز الاحتلال. والأساتذة إما اكتفوا بأداء الشعائر الدينية دون التعليم وإما انتقلوا إلى أماكن غير محتلة. وامتنع (الأهالي) عن إرسال أولادهم إلى المدرسة الفرنسية، لأن المدرسة في نظرهم هي حيث يتعلم الطفل القرآن والصلوات وقواعد الدين، بينما المدرسة الفرنسية لا تعلمهم إلا اللغة وربما تعلمهم أيضا مبادئ دين آخر. ومن ثمة اقترح صاحب التقرير (وهو غير مذكور): العودة إلى النظام القديم في التعليم الابتدائي والثانوي (بعد خمسة عشر عاما من الإهمال، لأن


(١) عبد الحميد زوزو، أطروحة الدكتوراه، مخطوطة، ص ٧٢٦، هامش ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>