للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقيت المدرسة فقط فلم تترك لتعليم المسلمين ولكن حولت إلى مقر للجمعية الأثرية التي كانت تصدر المجلة الشهيرة ب (روكاي). وكان مع جامع سوق الغزل مدرسة أيضا، ولكن تحويل الجامع إلى كنيسة عطل المدرسة عن مهمتها (١). وهكذا تعرقل التعليم الابتدائي الإسلامي وتوقف الناس عن استقبال أبناء الريف في قسنطينة، كما لاحظ تقرير بيدو.

وقد وقع لمدارس بجاية وعنابة نفس المصير بعد الاحتلال، لأنها كانت تابعة للبنايات الدينية التي وقع هدمها ومصادرة أوقافها. وظاهرة الفقر التي أشار إليها بعض الكتاب نتيجة توقف الموارد هي ظاهرة عامة، ولا سيما في المدن حيث ركز الاحتلال قواعده من البداية. فمدن مثل وهران ومستغانم عانت مدارسها نفس المصير الذي عانته فيها المساجد والزوايا والأضرحة، ومحاولة تعويض المدارس القرآنية بمدرسة عربية - فرنسية (٢).

أما في الريف والمناطق غير المحتلة فقد استمرت المدارس القرآنية على أداء وظيفتها في مقاومة عنيدة، رغم أحداث المقاومة والثورات المتوالية. يقول الإسكندر بيلمار عن موقف الأمير عبد القادر من التعليم: لقد جعل التعليم مهمة أساسية، باعتباره سلطانا ومسلما، كما جعل من مهامه الأساسية رفع شأن الدين والعلم. ولكي ينتعش الدين الذي حارب به الفرنسيين، أنشأ الأمير مدارس يتعلم فيها الأطفال الصلوات وقواعد الإسلام والقراءة والكتابة. أما الذين يرغبون منهم في مواصلة التعلم، فكان عليهم أن يتوجهوا إلى الزوايا أو المساجد (٣). ومعنى هذا أن الأمير رتب التعليم من الابتدائي القرآني إلى الثانوي المسجدي إلى العالي أيضا. وقد كان خبيرا في ذلك ويعرف مراحل التعليم من زاوية جده في القيطنة، وكان هو قد درس


(١) انظر دراسة شيربونو عن آثار قسنطينة في مجلة (روكاي)، ١٨٥٦ - ١٨٥٧، ص ٨٤، ١١٠.
(٢) انظر عن ذلك في فصل التعليم الفرنسي.
(٣) الاسكندر بيلمار (عبد القادر)، باريس، ١٨٦٣، ص ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>