للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نفس الوتيرة، وكان يشارك بإلقاء الدروس على جنوده في التفسير وغيره. وبذلك كانت المدن التي تحت يده إلى حوالي ١٨٤٣ - مليانة، المدية، تلمسان، معسكر، تاقدامت، الخ - كلها تنشط في التعليم القرآني كأساس للدراسات الثانوية والعالية بالمنهج الإسلامي. ومنذ واقعة الزمالة (١٨٤٣) كان التعليم القرآني قد انحصر في الخيام رغم صعوبة الحياة ومطاردات العدو.

في إحصاءات نشرت سنة ١٨٥١ جاء أن المدارس القرآنية في الريف بلغت ٨٥١ مدرسة وكانت كلها تعلم القرآن والكتابة والقراءة. ويتردد عليها حوالي ١٠، ٩٢٥ تلميذ. وهذا بفضل جهود المواطنين لأن الدولة الفرنسية لم تفعل شيئا، بل إن الحروب ومصادرة الأوقاف وإفقار العلماء جعل حركة التعليم تسوء (١). وفي تقرير رسمي رفع إلى رئيس الجمهورية الفرنسية سنة ١٨٥١ من قبل وزير الحرب، أنه لا وجود لتعليم فرنسي في الأرياف - البوادي -. ولا يتعلم الأطفال سوى القرآن على يد (الطلبة)، الذين يدفع الآباء إليهم مبلغا من المال، وأنه لا وجود لمدارس حائطية لذلك وإنما هناك خيام فقط. ومعنى هذا أن التعليم في الأرياف بعد عشرين سنة من الاحتلال بقي على حاله: نفس المكان، نفس المنهج، والجديد فيه هو فقط أن الدولة الفرنسية اغتصبت من السكان مواردهم وشردت معلميهم.

والغريب أن صاحب التقرير يتحدث عن فرض غرامات جديدة على الجزائريين لتنظيم مدارسهم. وهو يصف ذلك بشيء من الزهو والاعتزاز. وقد كان على الدولة المحتلة أن تفعل شيئا إزاء ذلك ولكن الضباط في الأقاليم، كما يقول التقرير، (قاموا بفرض تضحيات مالية) على السكان من أجل تنظيم مدارسهم. وقد ذكر نماذج لذلك: بني سليمان (دائرة البليدة)، وثنية الأحد، وتنس، وسيدي بلعباس، ونواحي تلمسان، وسكيكدة، وباتنة. ففي هذه النقاط تأسست، حسب التقرير، مدارس من


(١) دي بوليري J.du Boulery، (المجلة الشرقية والجزائرية)، عدد ٣، ١٨٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>