للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أموال الأهالي (١). ولكن أية مدارس؟ إنها ليست القرآنية بدون شك، وأنها ليست العربية - الفرنسية أيضا لأن هذه أنشئت بمراسيم وقرارات خاصة وعددها محدود وأماكنها كذلك، بحيث كان منها سنة ١٨٥١ ست مدارس فقط، فلعلها كانت إذن مدارس أنشأتها إدارة المكاتب العربية لفتح نواة للمدرسة الفرنسية الموازية للقرآنية، مستغلين في ذلك إنشاء المدارس الشرعية الرسمية الثلاث (واحدة في كل أقليم) وحماس الناس للتعليم بالعربية فيها، ولو كانت تحت السلطة الفرنسية. فقد كانت المدارس الثلاث المذكورة تقبل أبناء الزوايا وخريجي المدارس القرآنية، كما سنرى.

والمنهج التعليمي كان موحدا تجده في الجنوب وفي الشمال على السواء. فهو في بسكرة والأغواط والبيض وهو في ورقلة وتقرت والوادي، وفي المنيعة وتوات وبشار بنفس النمط. وقد أشرنا إلى انتشار التعليم القرآني في ميزاب وعناية المواطنين هناك به، فالمدرسة القرآنية هي هي في كل مكان، ملاصقة للجامع في كل مدينة. وليس في ميزاب زوايا. وعلى رأس كل مدرسة أحد العزابة، فهو المدير والقائم بالتربية والتعليم، وإذا كثر التلاميذ يستعين بقدماء التلاميذ الذين معه. وتقوم المدارس القرآنية بتعليم وتحفيظ القرآن، وتعليم القراءة والكتابة والرسم القرآني، إلى جانب التربية الدينية كالعقائد وحفظ بعض الأحاديث، وأداء الصلوات، وحسن الأخلاق (٢). ومن الخطإ حصر دور المدارس القرآنية في تحفيظ القرآن الكريم، لأنه في الواقع يمتد إلى التربية الدينية والأخلاقية، وهذا هو الجانب الذي أراد الفرنسيون القضاء عليه، مع احتفاظهم باستظهار التلميذ للقرآن فقط.

ولدينا صورة مفصلة عن التعليم القرآني في منطقة زواوة خلال الخمسينات رسمها الكاتبان هانوتو ولوتورنو (٣). عند إنشاء مدرسة تقوم (الجماعة) المشرفة على الحياة العامة، باستدعاء معلم، وهو عادة الإمام في


(١) تقرير وزير الحرب إلى رئيس الجمهورية، باريس، ١٨٥١، ص ٥٦ - ٥٧.
(٢) محمد علي دبوز، (نهضة الجزائر الحديثة)، ج ١/ ٢١٢، وهنا وهناك.
(٣) هانوتو ولوتورنو، (بلاد القبائل)، ط ٢ مرجع سابق، ص ١٠٧ - ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>