القرية. ويقوم المعلم (المؤدب) بتعليم الأطفال في جامع القرية، بالطريقة نفسها التي يتعلم بها الأطفال الجزائريون في كل مكان، فهو يحفظهم القرآن، أو بعضه، مع مبادئ القراءة والكتابة والدين. وهناك ثلاث حصص في اليوم مجموعها حوالي سبع ساعات ونصف: ثلاث ساعات صباحا، وثلاث في الظهيرة، وبين الساعة والنصف والساعتين في المساء قبل المغرب. يذهب الأطفال إلى مدرسة عند سماع الأذان الذي يؤديه المعلم نفسه. والعطلة عندهم تبدأ من ظهيرة يوم الأربعاء إلى ظهيرة يوم الجمعة. ولهم ثلاث عطلات سنوية، وهي ١٥ يوما قبل و ١٥ يوما بعد كل عيد أضحى وفطر، وعشرة أيام في عاشوراء. ومجموعها ٧٢ يوما. وتسمى فترة العطلات أو الراحة (تزويق الألواح) لأن التلاميذ عنئذ يزوقون ألواحهم برسومات مختلفة الألوان، ثم يمرون في مجموعات على البيوت مظهرين الرسومات أو التزويقات، ويطلبون البيض من النساء.
ومن تفاصيل هذه الصورة أنه من حق المعلم (المؤدب) معاقبة التلاميذ يدويا إذا رأى ما يستوجب ذلك. ومن العقاب جذب الأذن، والضرب بالعصا التي لا تفارق المعلم. وقد يرى إبقاء التلميذ في الجامع بعض الوقت دون أكل أو شرب. ومصاريف التعليم يقوم بها أهل القرية. ولا يشترك المرابطون في الدفع رغم أن أولادهم هم المستفيدون الأولون من التعلم. وقد تقرر الجماعة أن يدفع كل ولي تلميذ، مبلغا سنويا للمعلم يختلف من ٥ إلى ١٢.٥٠ فرنك. وإذا لم يجمع هذا المبلغ الإجباري يتطوع الأولياء بدفع هدايا للمعلم، حسب حظوظهم وثروتهم. أما في الزوايا التي فيها المرابطون فقط فإن الآباء هم وحدهم الذين يدفعون راتب المعلم. وإذا كان المعلم بدون عائلة وغريبا عن القرية فإنه يأكل بالتناوب عند العائلات التي لها تلاميذ، والنوبة تكون على الدار وليس على عدد التلاميذ الذين يقرأون. وهناك حياة اجتماعية ملازمة لتعليم القرآن. فيوم افتتاح المدرسة يقيم الآباء مادبة يحضرها المعلم والتلاميذ والأولياء وأعيان القرية أو الزاوية. وتسمى هذه المناسبة (زردة). وفي نفس اليوم يقدم التلاميذ هدية من النقود