للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ما يعني، أمام سيطرة اللغة الفرنسية في كل المجالات، جيلا أحادي اللغة، وهي الفرنسية، مع رفع الأمية فقط بالعربية.

يقول ألفريد بيل، وهو أحد المفتشين البارزين الذين سنتعرف على تقاريرهم بعد قليل، إن هذا التطور في دروس المسجد قد حقق الهدف. فالتلاميذ المسجلون في المساجد أصبحوا هم خريجي المدارس الابتدائية العربية - الفرنسية، وأصبحت الطريقة مراقبة، وكذلك البرنامج. وأصبح المدرسون يسألون التلاميذ عن درس اليوم وتطبيقاته. وحلت الدراسات النحوية مكان الفقه والتوحيد في التعليم، وانفتح عقل التلميذ، فأصبح يفكر ويتأمل حتى ولو تخرج صاحبه من (المسيد). وأصبح المدرسون يعدون المترشحين لدخول المدارس الشرعية - الفرنسية الثلاث، ويقدمون من جهة أخرى، إلى الشباب الأهلي الذي سبقت له دراسة اللغة الفرنسية، دروسا في اللغة العربية الأدبية. وبذلك يصبحون قادرين على القراءة والكتابة بالعربية ومعرفة آدابها، وكذلك بالفرنسية التي تعلموها (في مدارسنا الابتدائية) وسيكونون مسلحين لخوض معركة الحياة في هذا البلد بإتقانهم اللغتين. وسيحل تعليم المدرسين محل (التعليم السيء) الشائع في المدارس القرآنية (المسيد والشريعة) والزوايا (١). ذلك إذن هو هدف المستشرقين أمثال بيل، وهدف الإدارة أيضا: القضاء على التعليم القرآني، وتعليم الزوايا، وتعليم المساجد التقليدي، ثم تكوين جيل مزدوج في الظاهر ولكن تسيطر عليه الفرنسية باعتبارها اللغة الرسمية ولغة السيادة والعلم، أي تخريج جيل لا يعرف من العربية إلا ما يعرفه عنها بعض المستشرقين.

إن المدرس الذي يعنينا هنا هو أحد ثلاثة: مدرس المدارس الشرعية - الفرنسية الثلاث، وهذا تناولناه في فصل آخر. والمدرس ما قبل تنظيمات ١٨٩٨ و ١٩٠٠ ثم مدرس ما بعد هذه التنظيمات. وقبل أن نتحدث عن المدرسين بعد ١٩٥٥ نذكر جملة من الذين عاشوا التجربة الصعبة في


(١) بيل، (مؤتمر ...)، مرجع سابق، ص ٢١٢ - ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>