لا ندري ما العمل الذي مارسه الشيخ ابن خوجة قبل ١٨٩٦. فقد كان عمره عندئذ حوالي ٣١ سنة. هل درس بالمدارس الشرعية بعد إصلاحها سنة ١٨٩٥؟ هل مارس وظائف في القضاء؟ لا نملك الآن الوثائق على ذلك. إنما نعرف أنه بين ١٨٩٦ و ١٩٥١ قد عمل في المبشر. ومنذ التاريخ الأخير جلس للتدريس في المسجد، كما ذكرنا، ولا نعرف أنه درس في غير العاصمة. وكان بالإضافة إلى التدريس يعمل في المطابع مصححا ومحققا لبعض الكتب. من ذلك أنه هو الذي صحح تفسير (الجواهر الحسان) للشيخ الثعالبي الذي نشرته مكتبة ومطبعة رودوسي حوالي سنة ١٩٠٤. كما بدأ في تحقيق كتاب للشيخ السيوطي حول الاجتهاد. وكان في المساجد يدرس للعامة الفقه والتوحيد وبعض التفسير مما تسمح به السلطات الفرنسية. وقد وصفه عمر راسم بأنه كان حلو الكلام فصيح اللسان، وأنه كان يستشهد بالحديث والقرآن، وكأن الكتب القديمة مرآة بين عينيه يتذكرها ويستشهد منها بدون تكلف. وفي تقرير ويليام مارسي، مدير مدرسة الجزائر الشرعية - الفرنسية، الذي فتش دروس محمد بن مصطفى خوجة في المسجد، إشادة كبيرة به إذ قال عنه إنه أفضل من يعرف العربية، ويتكلم بها بطلاقة، كما أشاد بليبراليته. (أي اتساع أفكاره وتسامح آرائه) واعتبره من أفضل الدعاة (الوسائل) لنشر التحرر الفكري بين المسلمين. وكان ذلك بناء على تقرير سنة ١٩٠٥ - ١٩٠٦، وهي أول سنة أصبح فيها المدرسون المسلمون تحت رقابة المستشرقين الفرنسيين، مدراء المدارس الشرعية - الفرنسية.
لا يختلف تقرير ١٩٠٦ - ١٩٠٧ عن سابقه حول مكانة الشيخ محمد بن مصطفى خوجة. فقد كان يدرس خمس ساعات أسبوعيا. ويبدو أن الشيخ قد أصيب بمرض خطير أعاقه عن التدريس فترة طويلة (دام أشهرا). ثم استأنف دروس النحو والقواعد العربية. وكان التلاميذ الذين يحضرون درسه هم: عمال المسجد، وتلاميذ السنة الخامسة من مدرسة الجزائر (أي القسم العالي)، ثم بعض الخواص من سكان مدينة الجزائر. ووصفه المفتش الفرنسي بأنه صاحب ذاكرة عجيبة، وأنه نابغة وخطيب، وهو يفرض قدرته