على الإفصاح والإبانة. وأنه يدعو التلاميذ إلى (حرية الفكر في موضوع العقيدة). ولا ندري ماذا يقصد المفتش بذلك، ولكن يبدو أن الشيخ كان غير متزمت - كما نقول اليوم - ولعله كان يدعو إلى التخلص من الدجل والخرافة. وأضاف المفتش أن ابن الخوجة كان يفيد التلاميذ كثيرا وأن له القدرة على التأثير في مستمعيه. وقد أضاف إلى ذلك مؤهلا آخر وهو كونه مؤلفا ورجل دين. ومن ثمة فإن الفرنسيين سيجنون من دروسه فائدة كبيرة إذ كان (نصيرا قابلا للاستعمال لعملنا الحضاري).
بعد اندلاع الحرب العالمية الأولي دخلت الجزائر في عهد من المحاصرة والحصار وتوقف الحياة الفكرية، واختفاء الصحف والنوادي التي ظهرت خلال العشرية الأولى من هذا القرن. فما الذي فعله ابن الخوجة؟ لقد أشرنا إلى أن تقرير سنة ١٩٠٧ يذكر أن مرضه خطير. ويبدو أنه قد قاوم المرض وظروف الحرب إلى ١٩١٥. فقد وجدنا تقريرا آخر لمفتش فرنسي جديد هو (سان كالبر)، الذي أصبح مديرا لمدرسة الجزائر بعد ديستان ومارسيه (ويليام)، يشير في سنة ١٩١٤ إلى الشيخ ابن الخوجة على أنه من الطبقة الأولى (راتبه ١٨٠٠ فرنك سنويا) من المدرسين، ويسميه محمد الكمال، وأنه من مدرسي جامع صفر وخطبائه. ولكن تقرير ١٩١٦ يذكر أن مدرس وخطيب هذا الجامع لم يعد محمد الكمال (ابن الخوجة) وإنما هو حمود دحمان. وهكذا يكون ابن الخوجة قد توفي سنة ١٩١٥. وليس هناك عندئذ صحافة وطنية (أهلية) تنعاه ولا إذاعة، اللهم إلا جريدة المبشر لسان حال الإدارة الفرنسية والتي سبق له العمل فيها.
إن هدف الفرنسيين من التعليم المسجدي الجديد ليس دروس الفقه والتوحيد، كما كان الحال سابقا، أو رفع مستوى العامة في شؤون دينهم وتراثهم، ولكن نشر الأفكار الفرنسية والترقي بالدراسات الإسلامية، كما يقول تقرير والي ولاية الجزائر عندئذ إلى الحاكم العام. كان تعليم النحو والأدب وقواعد اللغة إلى التلاميذ الذين يدرسون في المدارس الابتدائية العربية/ الفرنسية الخاصة بالأهالي، أو المترشحين لدخول إحدى المدارس