للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تولى ابن سماية التدريس بمدرسة الجزائر التي أصبحت تسمى الثعالبية، منذ حوالي ١٨٩٦، عند إعادة تنظيم المدارس على أثر إصلاحات ١٨٩٥. وهذا التدريس لا يعنينا هنا، إنما يعنينا التدريس في المسجد الذي تولاه في الجامع الجديد. وكانت تقارير المفتشين الفرنسيين تشيد به وبعلمه وبطريقته في التدريس وفصاحة لسانه. وكان من الذين نالوا أوسمة علمية تشجيعأ لهم أو اعترافا بفضلهم في أداء مهمة التدريس في الجامع والقسم العالي في المدرسة. وكانت الأوسمة توصى بها تقارير المفتشين، وقد نالها في عهد جونار عدد من الأساتذة، سيما الذين بدأوا حياتهم في المدرسة الفرنسية.

بعض المترجمين لابن سماية لا يقدمون معلومات موثقة يمكن الاعتماد عليها دون مراجعة ومقارنة. من ذلك أن الشيخ الكبابطي كان جد ابن سماية لأمه، وأن والده (علي) أو جده (عبد الرحمن) قد درس في مصر ثم رجع إلى الجزائر. وأن عبد الحليم قد بدأ قراءته بالمدرسة القرآنية، ثم انهمك يقرأ من مكتبة والده. وأنه درس الكيمياء والطبيعة على الأستاذ جولي (الإسكندر A.Joly) في المدرسة الشرعية - الفرنسية. وأنه تعلم الفلك على عارف باي، وهو نجل عارف باشا حاكم بغداد، حين زار الجزائر. كما تذكر بعض المصادر أنه تعلم أيضا اللغة العبرية، وكان يلبس اللباس العربي الإسلامي ويعتز به، كما كان يفعل ابن أبي شنب والمجاوي وابن الكبابطي وغيرهم. وهذا التقليد كانت تشجع عليه الإدارة أيضا لأنه في نظرها يزيد من تأثيرهم على العامة والتلاميذ بخلاف ما إذا قلدوا الفرنسيين في ذلك إذ تذهب هيبتهم وينتفي تأثيرهم (١).

هناك تقريران عن ابن سماية كمدرس ناجح في الجامع الجديد. الأول كتبه ويليام مارسيه، ووصفه فيه بفصاحة اللسان وحرية الفكر وسلامة اللغة، وقال عنه أنه من المتعاونين البارزين في المدرسة أيضا (القسم العالي)، كما أن مستوى درسه في الجامع كدرسه في المدرسة. أما المادة


(١) انظر عن ذلك فصل التعليم الفرنسي والمزدوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>