وصعوبة المواد بالنسبة لسن التلاميذ أو من حيث المنهج المتبع في توصيل المعارف. وهذا النقد ليس خاصا بزوايا أو معمرات زواوة، بل هو شامل لكل الزوايا حيث يسود هذا النوع من التعليم المقاوم، كما قلنا، رغم كل المثبطات. ولكن ما دمنا في زواوة فلنستمر في ذكر بعض وجهات النظر حول نقد التعليم فيها. روى الشيخ أبو يعلي الزواوي أن شيخه محمد السعيد بن زكري قال أنه قضى عشر سنوات في زاوية اليلولي دون أن يستفيد شيئا، دخلها حافظا للقرآن وخرج منها حافظا للقرآن. وهذا بدون شك حكم صحيح وقاس في نفس الوقت. ولكن الشيخ يقصد أن معارفه لم تستثمر وأن مواهبه لم تكتشف كما كان يجب. أما إضافة المعارف الأخرى على حفظ القرآن فالزاوية كانت تقدمها لتلاميذها الذين بلغوا حوالي ٨٠ تلميذا في عقد الستينات من القرن الماضي حين كان الشيخ ابن زكري تلميذا فيها تقريبا. وقد درس الشيخ أبو يعلى بنفس الزاوية أيضا. والظاهر أنه يؤيد شيخه في حكمه على نوعية التدريس فيها. وقد انتقدنا نحن طريقة التعليم في جامع الزيتونة وفي دار العلوم بمصر، ولكن هذا لا يعني عدم الفائدة كما يوحي كلام الشيخين، إنما بالمقارنة إلى التعليم الحديث فقط الذي يفيد التلميذ كثيرا وفي مدة قصيرة إذا توفرت شروط أخرى كالحوافز والمنافسة والفوائد المادية. وكلا الشيخين كان يعلن للفرنسيين أن تعليمهم أكثر فائدة وتقدما من تعليم الزوايا، وكلاهما أيضا انتقد ابن الحداد وثورته سنة ١٨٧١. ولا ندري ما وراء هذا الموقف منهما.
وقد اعترف كل من ابن زكري وأبي يعلى أيضا بمكانة ودور الشيخ البوجليلي في وقته. وكان هذا الشيخ من شيوخ زاوية اليلولي، ثم أسس زاوية خاصة به في بني عباس. وقد درس عليه الشيخ ابن زكري ووالد أبي يعلى. فكيف يخرج ابن زكري من عنده كما دخل؟ ويقول أبو يعلى أن الشيخ ابن زكري كان كشيخه البوجليلي ذكاء وشهرة. وأنه أوعز إلى تلميذه هذا بأن يبطل الصلاة المبتدعة في آخر جمعة من رمضان (١). وهذا الرأي إنما يؤكد ما