للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى. فاغتيال ابن حمانة يضرب العصفورين معا.

وللتذكير نقول أن من كانوا يسمون بالنخبة، وهم ذوو الثقافة الفرنسية كانوا في أغلبهم مع قبول التجنيد إذا كان سيؤدي إلى الحصول على المساواة السياسية. وبذلك نادى أبناء بوضربة، وابن حبيلس وابن التهامي. ولكن النخبة المعربة والقادة الإسلاميين مثل عبد الحليم بن سماية وعمر بن قدور قد عارضوا التجنيد مهما كانت النتيجة. فكيف يذهب محمد بن رحال، وهو مزدوج اللغة ومن الغيورين على العربية والإسلام ومن عائلة دينية - صوفية، مع عباس بن حمانة الذي لم تكن له شهرة ابن رحال، إلى باريس لتقديم مطالب باسم الجزائريين، وما هي؟ هل هي مطالب تختلف عن مطالب الفريقين السابقين؟ لقد علق ابن نبي على زيارة ابن حمانة لباريس بقوله أنه ذهب لتقديم مطالب أبناء البلاد (لم يقل ما هي) فمنحه الفرنسيون وسام الاستحقاق الزراعي!.

لا شك أن نشاط ابن حمانة كان يهدد المصالح الفرنسية. فاغتياله قد حدث شهرا قبل وقوع الحرب العالمية. ولعل الفرنسيين قد خشوا منه إذا بقي طليقا مع تفاقم الأحداث الدولية. ويذهب ابن نبي إلى أن اسم ابن حمانة قد ارتبط بحادثة اغتيال سياسي هز الإدارة، وألف فيه أحد الفرنسيين كتابا بعنوان (قضية تبسة) (١). واعتبره ابن نبي أول من دافع عن اللغة العربية في تبسة وعمل على نشرها. وفي مكان آخر قال عنه أنه (أول جزائري عمل على بعث اللغة العربية في البلاد) (٢). أما دبوز فقد روى عن الشيخ بكير العنق الذي كان يعرف ابن حمانة شخصيا: بأن هذا كان شخصا جديرا بأن يكون رجل دولة وأنه كان نظير الشيخ الثعالبي في تونس لو واتته الظروف. وقد وجد عباس بن حمانة المساندة في مشروعه من أبناء ميزاب التجار في تبسة، وكذلك من محمد (معمر؟) بن الحاج رابح الزردومي.


(١) لم نطلع على هذا الكتاب، ولعل فيه آراء أخرى في الموضوع تساعد على فهمه. وكان حاكم تبسة عندئذ يدعى (سينيوري).
(٢) مالك بن نبي (المذكرات) ط. دمشق، دار الفكر ١٩٨٤، ص ٣١ وهنا وهناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>