ملاصقة لثانوية عقبة بن نافع اليوم، ولكن لها ممر خاص، وقد دخلناها. ومن جهة أخرى حاولت الإدارة الفرنسية إدخال اللغة الفرنسية في برنامج مدرسة الشبيبة فرفضت إدارتها الأولى وتعللت بشتى العلل، ثم بعد ذهاب الشاعر محمد العيد منها، حوالي ١٩٤٠، ومجيء إدارة جديدة، فرضت فرنسا لغتها على هذه المدرسة، إلى أن أصبحت كغيرها من المدارس التي تشرف عليها الإدارة. ومع ذلك بقي لها اسمها التاريخي.
تكاثرت المدارس الحرة العصرية منذ العشرينات، وتبناها الشعب وأقبل عليها إقبالا كليا، فقد وجد أولا في جهود بعض الأغنياء والمحسنين أمثال الدامرجي وعمر إسماعيل، وحماس الغيورين أمثال مصطفى حافظ، وابن باديس، والطيب العقبي، ومبارك الميلي، والتبسي والإبراهيمي والهادي الزروقي، وعشرات المعلمين الجنود الذين انتشروا في الجزائر، يعلمون القرآن واللغة العربية وعلوم الدين بأسلوب عصري وأماكن جديدة وروح متحمسة للمستقبل. وقد استفادوا، كما قلنا، من التجربة الفرنسية المجاورة لهم، وفيهم من سبق له دخول المدرسة الفرنسية أو من له أقارب بها، ولكن أغلبهم كانوا من خريجي المدارس والزوايا القديمة أو مدارس تونس والمشرق، وكانوا متشبعين بروح الإصلاح والنهضة فتطوروا بسرعة وواكبوا الحياة في سيرها الطبيعي.
والنموذج الذي تكرر في كل مكان هو هذا: جمعية محلية تنشأ من الأعيان في القرية أو الدوار، وتجمع المال بالتبرع ونحوه، وتحضر المكان الذي قد يكون دارا مكرية في البداية، ثم مدرسة عصرية في النهاية. وكانت الجمعية إما أن تبحث عن المعلم فتجده بنفسها وتعرض عليه التعليم والأجر والإقامة، وإما أن تراسل الشيخ ابن باديس، بعد اشتهار جمعية ومدرسة التربية والتعليم (١)، ليرسل إليها أحد المعلمين من طلابه. وبعد تأسيس
(١) وجدنا في سريانة ناحية باتنة وثيقة عند إحدى العائلات الدينية بقلم ابن باديس يطلب فيها سرا الإعانة لمشروعه التعليمي عن طريق الدين أو السلفة، على أن يرد ذلك في وقت ذكره، كما ذكر ابن باديس أسماء بعض الذين سلفوه أو تبرعوا له.