الإسلامية الجامعة وتأثيرات جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
كانت للشيخ محمد بن يوسف مراسلات واتصالات مع عدد من علماء الوقت ورجاله. ويذكر مترجموه أنه التقى بالشيخ محمد بن بلقاسم، كما سبق، وكانت له مراسلات مع الشيخ محمد عبده وعبد الله الباروني (والد تلميذه سليمان الباروني) وشيوخ الجزائر أمثال المجاوي وابن الموهوب. وكانت له أيضا مقابلات مع بعض علماء الفرنسيين أمثال ايميل ماسكري MASQUERY الذي طلب منه كتابة تأليف عن تاريخ ميزاب ففعل.
وإن شيخا بلغ ما بلغه محمد بن يوسف لا يمكن إلا أن يكون له كثير من التلاميذ والأتباع. ولكنه لم يكن شيخ زاوية ولا من دعاة الولاية والتصوف حتى يكون له طريقة أو محفل أو قبة. إنه داعية سلفي يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر في وقت ساد فيه الجهل بدعم رسمي من الاحتلال. ومن تلاميذه البارزين إبراهيم امتياز وإبراهيم بن الحاج عيسى (أبو اليقظان)، وصالح بن عمر الذي خلفه في إمامة جامع بني يسقن، ويحيى بن عمر قاضي مدينة مليكة، وغيرهم. أما من غير الجزائر فنذكر من تلاميذه سليمان الباروني الزعيم الليبي خلال الحرب ضد إيطاليا وأحد رجال العالم الإسلامي في النصف الأول من هذا القرن (١).
قلنا أن ظهور الشيخ اطفيش صادف طغيان الاحتلال الفرنسي الذي امتد أيضا إلى منطقة ميزاب. فكان اتفاق الحماية معها سنة ١٨٥٣ ثم الاحتلال الكامل لها سنة ١٨٨٢. وقد استمر الشيخ محمد بن يوسف يحتج على انتهاك اتفاق الحماية ويطالب باحترامه أو بالحكم الذاتي. وفي ١٨٨٨ طالب الحاكم العام البغيض، لويس تيرمان، الذي امتد الاحتلال إلى ميزاب في عهده، طالبه بتخفيف الغرامة على أهل ميزاب، كما طالب بترك إيجارات أملاك الأوقاف في يد مساجد الإباضيين. ونحن نعرف أن السلطات الفرنسية قد صادرت أملاك الأوقاف في الجزائر كلها، وحولت مداخيلها إلى مالية
(١) كتبنا عن الباروني مقالة منشورة في مجلة الثقافة، فانظرها.