للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدولة. ولكن هذه السلطات صمت آذانها عن مطالب الجزائريين بمن فيهم أهل ميزاب. وفي نفس السنة أرسل الشيخ نسخة من كتابه (النيل) إلى القضاة الفرنسيين الذين أصبحوا يسيطرون على كل جوانب القضاء الإسلامي أيضا، ما عد الأحوال الشخصية التي تركوها للقضاة المسلمين. وكان هدف الشيخ أن يطبق أولئك القضاة الفرنسيون تعاليم الشريعة بالنسبة للإباضيين (١).

وحين استجاب الشيخ لطلب ماسكري وألف رسالته (الشافية) عن تاريخ ميزاب قال إنها تخدم الإسلام ولا تضره. وفي سنة ١٨٨٦ كان الشيخ أطفيش في طريقه إلى الجزائر عن طريق قصر البخاري، فسبقته رسالة من أبي بكر بن الحاج قاسم، وربما هو أحد القضاة هناك، إلى ماسكري مدير مدرسة الآداب بالجزائر (نواة كلية الآداب) أخبره فيها بقدوم الشيخ أطفيش في آخر مايو، وأوصى ماسكري أن يحتفى بالشيخ بما يليق به وأن يكلم في ذلك الحاكم العام وقائد القطاع العسكري ورئيس المحكمة العليا (يسميه: الرئيس الشرعي) ليلتقوا بالشيخ بعد وصوله ويكلموه على شرح (النيل) بحضور ماسكري فقط دون ترجمان آخر (لتكون لك بذلك مزية لدى الدولة لأنك (أي ماسكري) رجل مليح، جيد ظريف أديب) (٢).

والنهضة التي دعا إليها الشيخ أطفيش كانت تسير في اتجاه النهضة الإسلامية العامة. فقد عاصر حركة الجامعة الإسلامية، وكان يحس بها أكثر من علماء القطر الآخرين، ربما، لأنه اطلع بنفسه على نشاط الحركة في حجتيه، ومن جهة أخرى كانت منطقة ميزاب والجنوب عامة، مفتوحة على تيارات النشاط الإسلامي عن طريق تونس وليبيا وزنجبار وعمان. وهو لا


(١) بيير كوبيرلي P.Cuperly (محمد أطفيش ورسالته) في IBLA (معهد الآداب العربية)، تونس، ١٩٧٢، ص ٢٦٩. بالنسبة للغرامة والأحباس ذكر هذا المصدر أنه رجع إلى
رقم ١٥ H ٢٢ من أرشيف أيكس (فرنسا).
(٢) بلقاسم بن سديرة (كتاب الرسائل) مرجع سابق. ص ٢١٣، وتاريخ المراسلة هو ٢٨ مايو، ١٨٨٦ من قصر البخاري، وهي السنة التي أدى فيها الشيخ أطفيش فريضة الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>