يخرج في دعوته عن الحركة السلفية التي تدعو لتنظيف الدين مما ينسب إليه وليس منه، والعودة إلى الاجتهاد إذا توفرت شروطه، وتنشيط العقل عن طريق التعليم والتربية واكتشاف الذكاء والمواهب. وكان الشيخ أطفيش من دعاة إحياء وتجديد اللغة العربية والثورة على الجمود، وكان يقف بصراحة ضد التأثير الأجنبي في الحياة الإسلامية. ومن ثمة يجد نفسه في تيار دعوة رشيد رضا وأمثالها (١).
وكانت للشيخ أطفيش أيضا مواقف لدعم الحركات الإسلامية واتصالات مع زعمائها كما أشرنا. إنه كان يتابع باهتمام حروب الدولة العثمانية في البلقان، وكان يتتبع أحوال العالم الإسلامي وهو يسقط القطعة بعد القطعة في أيدي المستعمرين. وعندما هاجمت إيطاليا ليبيا سنة ١٩١١ دعا إلى التبرعات بالسلاح والمال لمساعدة المجاهدين. وفي ١٩٥٠ توقف في غرداية سليمان بن ناصر، حاكم دار السلام (عاصمة تنزانيا اليوم)، ونزل في دار أطفيش، وهذه الزيارة تدخل في تمتين العلاقات مع الإباضيين. وكان ابن ناصر في طريقه إلى معرض باريس الدولي. وأهدى بعض سلاطين وأمراء الوقت أوسمة إلى الشيخ أطفيش، مثل السلطان عبد الحميد الثاني الذي كتب إليه أيضا رسالة شكر على حله لغز الماء، وكذلك أوسمة من سلطان زنجبار، وإمام عمان. وكان الشيخ يعتز بهذه الأوسمة ويضعها على صدره في المناسبات. كما أهدت إليه فرنسا وساما (نيشأنا) بمناسبة حله اللغز المذكور. وفي تقديرنا أن هذه الأوسمة كانت محاولة لشراء السكوت والرضى وليست تقديرا للعلم والعلماء.
وقد طبعت للشيخ عدة مؤلفات أثناء حياته فزادت من شهرته وعرفته للقريب والبعيد. وكشفت عن عقله النير وأفكاره البعيدة. وكانت بعض مؤلفاته قد طبعت في الجزائر وبعضها في تونس ومصر وعمان وزنجبار. أما بعد وفاته فقد تعاون الشيخان سليمان الباروني وإبراهيم أطفيش (الذي هاجر إلى مصر، وهو قريبه) على إصدار عدد منها أيضا. وهي مؤلفات كثيرة تبلغ