والأخلاق. أما في أصول التشريع فيدرسون ألفية السالمي.
وهكذا يتضح أن المواد الدراسة في معهد بني يسقن كانت ذات شقين أو ثلاثة: العلوم الدينية من تفسير وحديث وقراءات وتوحيد وفقه وأصول الفقه، والعلوم اللغوية والأدبية وتشمل النحو والصرف والبلاغة والعروض والأدب. وأما الشق الثالث فيشمل التربية والأخلاق من مبادئ الدين والقطع الأدبية التهذيبية ونماذج من المثل العليا. ويقول الشيخ دبوز، رواية عن تلاميذ الشيخ القطب، أنه كان يبدأ بالدرس الصعب في أول النهار، وكان لا يزيد عن الكتب المعروفة في غير العقائد والفقه سوى قناطر الخيرات للجيطالي وهو تأليف في الأدب والأخلاق. وكان الشيخ يعطي اهتماما خاصا لأدب الأندلس. وكان يؤلف لتلاميذه إذا لم يجد تأليفا في الموضوع. وكان لا يدرس لهم يومي الخميس والجمعة.
ولا نعرف كم كان عدد تلاميذه في الوقت الواحد. ويبدو أن شيخا في مثل شهرته وعلمه يكون قد استقبل بضع عشرات منهم ة وقد نغامر فنقول إنهم بين الثلاثين والخمسين في الموسم الواحد. وما دام قد علم طول حياته تقريبا (حوالي سبعين سنة من التعليم) فلنا أن نتصور أن تلاميذه قد بلغوا المئات. فإذا أضيف إلى ذلك فتاويه ومؤلفاته وزياراته عرفنا كم كان إشعاع هذا الرجل في عهد كاد ظلام الجهل يطمس كل المعالم في الجزائر. ولا شك أن وجوده في ميزاب، ووجود محمد بن بلقاسم الهاملي في نواحي بوسعادة، وعبد القادر المجاوي في قسنطينة ثم العاصمة، وحمدان الونيسي ومحمد الصالح بن مهنة، وعبد الحليم بن سماية ومحمد مصطفى بن الخوجة (١)، قد خفف من كثافة ذلك الظلام.
وكانت للشيخ أطفيش مكتبة غنية جمعها عبر السنين، وكان يستنسخ الكتب ويدفع المال عليها، وقد كان له أحد النساخ المعروفين في غرداية ينسخ له ما يشاء من الكتب. وتزوج بعض نسائه من أجل الكتب، كما قلنا.