المسيحية، لذلك كان الباشوات والرياس الذين حققوا مثل هذه الانتصارات يلقبون بالمجاهدين. وبالإضافة إلى ذلك كانت هناك حروب داخلية وأخرى ضد بايات تونس وسلاطين المغرب، ولكنها لم تكن حروبا جهادية ولا يأخذ خائضوها شرف لقب المجاهدين. فالواجب العسكري العثماني في الجزائر كان يقوم على الحرب الجهادية ضد (دار الحرب) بالدرجة الأولى.
وأهم الدول الأوروبية التي طالت الحرب بينها وبين الجزائر في هذا العهد هي اسبانيا وتليها البرتغال. وليس من الصعب العثور على السبب المباشر لهذه الحرب بين الطرفين. ففي نهاية القرن التاسع تمكن الإسبان من إسقاط آخر قلعة للمسلمين في الأندلس وأساؤوا معاملة من بقي من المسلمين هناك ثم خيروهم بين الطرد وبين تغيير عقيدتهم الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك تابع الإسبان مطاردتهم للفارين من المسلمين الأندلسيين إلى سواحل شمال إفريقيا. وأدت هذه المتابعة إلى ثلاث نتائج هامة: الأولى استقرار الحاميات الإسبانية في عدد من المراكز الاستراتيجية على سواحل شمال إفريقية مثل مدينة الجزائر والمرسى الكبير ووهران وبجاية وجيجل وعنابة في القطر الجزائري، وأمثالها في أقطار تونس والمغرب وطرابلس. والثانية تسلح مهاجري الأندلس ضد الإسبان واتخاذهم مواقع الدفاع على وطنهم الجديد وبنائهم السفن والمعدات الحربية للجهاد ضد الإسبان في البحر والاستيلاء على ما يمكن أن يقع في أيديهم من أسطول العدو. وقد حاول الإسبان، من جهتهم، تحطيم هذه القوة في عدة محاولات أشهرها حملة شارل الخامس في منتصف القرن العاشر وحملة أوريلي الأقل شهرة منها في آخر القرن الثاني عشر. أما النتيجة الثالثة لنشاط الإسبان ضد الأندلسيين والجزائريين فهي دخول الدولة العثمانية رسميا في الحرب ضد إسبانيا بعد أن أصبحت الجزائر ايالة (ولاية) من ايالات الدولة العثمانية.
إن المظهر العسكري (الجهادي) للوجود العثماني في الجزائر ثم