فقط سنة ١٨٦٧ وبعد أربع سنوات صدر قرار إغلاقه من الحاكم العام المتعصب ضد العرب والمسلمين، والناقم على عهد نابليون الثالث، وهو الأميرال ديقيدون. وقد غشيها عند افتتاحها ١٥٦ تلميذا منهم ١١٢ تلميذا مستقرا أو داخليا، و ٤٠ نصف داخلي، و ١٢ خارجيين (أوروبيون؟)، مع تلميذين متخصصين في الفقه الإسلامي. بدأ المعهد في شهر يناير فقط. والإقبال الذي شهده هذا المعهد جعل السلطات تفكر في تعميم التجربة. واعتبر السيد بوليو التجربة ناجحة جدا، وقال إنه يمكن التفكير في إنشاء سبعة أو ثمانية معاهد أخرى مماثلة (١). أما جان ميرانت فقد اعتبر هذا النوع من التعليم دليلا على كرم فرنسا وليبراليتها وجميل صنيعها. وذكر أن معهد قسنطينة قد افتتح في بناية إسلامية جميلة تقع على منحدرات سيدي مسيد. وضم ١١٢ تلميذا، منهم ١٠٨ من الأهالي، وقد أصبح سنة ١٨٧٠ يضم ١٩٩ منهم ١١٧ من الأهالي. وقد خطط الفرنسيون لإنشاء معهد ثالث في وهران، ولكن ذلك لم يحصل لتغيير نظام الحكم.
تبين بعد تجربة قصيرة أن فكرة إنشاء المعاهد لم تحقق كل الهدف الذي وضعه المنظرون الفرنسيون. فاللغة الفرنسية لم تكن إلى سنة ١٨٦٤ شرطا أساسيا لدخول المعهد. ووجدوا أن بعض التلاميذ دخلوه وهم لا يعرفون حتى القراءة والكتابة. ولعل ذلك راجع إلى قلة التلاميذ المتقدمين وحرص المسؤولين على فرنسة كل من جاءهم عندئذ، مهما كان مستواه. وأمام هذا الخلل كتب الحاكم العام مذكرة إلى والي الجزائر قائلا إنه لا يمكن التسامح بعد اليوم في ذلك، فقد حان الوقت الذي لا يدخل فيه المعهد إلا التلاميذ العارفون بالفرنسية. وتشجيعا لذلك رصد الحاكم العام منحتين لتلميذين يعرفان قراءة الفرنسية، وإذا أمكن يعرفان كتابتها أيضا، مع جودة الصحة البدنية. هذا بالنسبة للغة الفرنسية، أما المنح الخاصة بأبناء من خدموا القضية الفرنسية فقد رصدها الحاكم العام أيضا، وهي تدخل فيما فرضه الفرنسيون على العرب من غرائم والتي تسمى (الغرامة
(١) ميرانت (كراسات)، ص ٨١. وهناك اختلاف في أرقام التلاميذ عند الافتتاح.