الأهالي غير قابلين للتعلم وأن المدارس تظل فارغة، وكان أعداء تعليم الأهالي يسمونها (بالقصور الخاوية). وفي أحسن الأحوال تقول تلك البلديات أنها لا تملك المال.
والواقع أن هناك نوعين من الميزانية في ميدان التعليم عندئذ: ميزانية الموظفين وهذه كانت تتولاها الدولة، ولا نزاع بشأنها عادة، ثم أصبحت تتولاها ميزانية الجزائر منذ ١٩٥٥. ثم ميزانية بناء المدارس أو تجديدها وصيانتها، وهذه هي محل النزاع الكبير. فالميزانية الأخيرة كانت تأتي من البلديات كما ذكرنا. ثم تأتي الدولة لمساعدتها بالمعونة المشار إليها أو القرض الذي قيل إنه يتراوح بين ٤٠% و ٨٠% من المصاريف الكاملة. ورغم أن القرض وصل أحيانا إلى ٩٠% فإن البلديات كانت تغض النظر عن كل مطالبة ببناء المدارس أو توفيرها للأهالي رغم أن بعض البلديات كانت تملك بالإضافة إلى الضرائب الأهلية، أملاكا وقفية إسلامية تسلمتها من الدولة الفرنسية نفسها، وكان لهذه الأملاك الوقفية مداخيلها المالية للبلدية. وكانت المطالبة بإنشاء المدارس، كما يقول مارسيه، تأتي من الإدارة العليا (الحكومة العامة) في الجزائر (١)، ومن الجزائريين أنفسهم.
ولكن من المسؤول على تعليم الأهالي: الدولة أو ممثلها أو البلدية؟ إن الأصابع تشير دائما إلى الدولة صاحبة السيادة على الجزائر والغائبة عن واجبها في هذا المجال. لقد بح صوت الجزائريين من المطالبة بإسماع أصواتهم إلى (الجهات العليا) الفرنسية بالنسبة للتعليم وغيره. وقدموا العرائض فظلت في الأدراج، ورفعوا الشكاوى والاحتجاجات فبقيت في سلال المكاتب العربية والبلدية. وجاءت لجنة فيرى وحققت في عدة قضايا وأصدرت توصياتها. وظهر (الفاهمون) للموضوع أمثال جونار وكامبون، ولكنهم غرقوا في (اللوبي) الكولوني، بينما أصوات النواب الاستعماريين كانت تجلجل من على منصة البرلمان الفرنسي. وطالب بعض الجزائريين