للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوروبيون حياتهم بأنفسهم في الجزائر في المذكرات والكتب التي نشروها بعد تحريرهم. ومن كتاباتهم نعرف أنهم لم يكونوا بمعزل عن المجتمع الجزائري بل كانوا يختلطون بأهله ويعملون معهم، وفيهم من لعب دورا بارزا في الحياة اليومية للسكان، وأحيانا في المغامرات السياسية. بل لقد كان فيهم من قربه أهل الحكم والحظوة إلى السلطة نفسها فأصبح يؤثر فيها كمستشار أو وزير أو قائد أو مدرب عسكري. وكل هؤلاء الأوروبيين (بأصنافهم التي ذكرناها) قد أثروا في الحياة الاجتماعية الجزائرية، كل حسب تغلغله وحسب إمكانياته في التأثير. ويعود تأثير هؤلاء الأوروبيين إلى القرن العاشر. فهذا كاتب أوروبي (جوزيف مورقان) يروي أن حسن باشا بن خير الدين قد ترك سنة ١٥٦٧ عند مغادرته الجزائر عددا من المسيحيين والعبيد، (من بينهم عدد كبير من الفنانين المجيدين في مختلف الأنواع المفيدة) (١) ومن جهة أخرى نعرف أن قسما من سكان الغرب الجزائري كان على صلة مستمرة بالإسبان في وهران، كما أن قسما من سكان الشرق كانوا على صلة بتجار جنوة ثم الفرنسيين نواحي القالة وعنابة.

وتثيت الوثائق أن الجالية اليهودية كانت قوية خلال هذا العهد وأنها كانت تعيش في أهم المدن وخاصة عواصم الأقاليم ومدينة الجزائر نفسها. وقد مرت بنا بعض أخبار اليهود في القرن التاسع عندما تعرضنا لحياة المغيلي. وكانت هذه الجالية قد تقوت بهجرة يهود الأندلس مع المسلمين في الفترة المشار إليها. وقد جاء بعض يهود أوروبا إلى مدينة الجزائر في القرن


= الجندي فيسجلون في دفتر العسكر ويشاركون في غنائم البحر الخ .. انظر أيضا دابر، ١٧٧.
(١) مورقان (التاريخ الكامل)، ٤٧٥. وتمتلئ كتب الأوروبيين (غير الأسرى) بالأختبار عن الوجود الأوروبي في الجزائر ومدى التسامح الذي كان الجزائريون يبدونه نحوهم. انظر مثلا مردخاي نوا (رحلات)، ٣٦٨. وقد وجدت في الأرشيف العثماني أن عددا من أهل الذمة كانوا يتمتعون بكراء الأوقاف الإسلامية. انظر مثلا (١٨٤) ٣٢ - MI ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>