المولدين العثمانيين (من أمهات جزائريات) وكان أبناء هذه الفئة يطمحون بالميلاد واللغة والانتماء العائلي إلى الصعود إلى المرتبة الأولى في المجتمع. ولكن العثمانيين أصلا - إذا صح التعبير - منعوهم واعتبروهم كراغلة غير أصليين، أو أبناء عبيد، حتى يحافظوا هم على مقاليد السلطة في أيديهم لأن قوتهم تكمن في إبعاد أهل البلاد عنها ولو كانوا من أصلابهم. وكانت ثورة الكراغلة الفاشلة في منتصف القرن الحادي عشر سببا في إبعادهم نهائيا عن مقاليد الحكم (اللهم إلا بعض مناصب البايات) وزادت في مخاوف خصومهم منهم. ولو نجح الكراغلة لتغير وجه التاريخ الجزائري ولوجدنا الحكم فيها أكثر التصاقا بالشعب وأكثر اهتماما بمصالحه وأكثر ارتباطا بقيمه الحضارية، بل لتوقعنا أن يتحول الحكم شيئا فشيئا إلى حكم (وطني) مستقل. والغريب أن العثمانيين كانوا يرفعون أبناءهم في الجزائر إذا كانوا من أسيرات مسيحيات، ويخفضونهم إذا كانوا من أمهات مسلمات. ولكن الغرابة تزول إذا عرفنا أن هدفهم الأساسي كان إبعاد العنصر الأهلي عن مقاليد السلطة.
والفئة الثالثة هي فئة الحضر، وهي تشمل سكان المدن (في مقابل سكان البادية). وهي تضم العلماء والتجار وأصحاب الحرف والصنائع والكتاب والإدرايين. ومن الخطأ الشائع إطلاق أهل الحضر على مهاجري الأندلس فقط تبعا لوصف الأوروبيين لهم (بالمور). ذلك أن أشمل وصف لهم هو سكان المدن بمن في ذلك سكان المدن الأصليون والمهاجرون الأندلسيون، كما يشمل كل من استوطن المدن من أهل البادية و (تمدن) بعد أن كان باديا. وكانت هذه الفئة، رغم دورها الاجتماعي والاقتصادي والعسكري أيضا، محرومة من التطلع السياسي لأن احتكار العثمانيين للسلطة قد أوصد الأبواب في وجهها. ولكن هذه الفئة لم تكن بدون نفوذ. فهي عن طريق الجاه المادي (النفوذ الاقتصادي) على يد كبار التجار وأمناء أهل الحرف والصنائع، والجاه الروحي (العلماء ومرابطو المدن والقضاة