الزنوج فروع حيث تزاوجوا وقطنوا أطراف المدن. ويمكننا أن نضيف إلى العمال، الأسرى المسيحيين الذين كانوا يقومون أثناء فترة أسرهم بأعمال يدوية في العاصمة والمدن الكبرى الأخرى كما سبقت الإشارة.
وكان هناك فرق شاسع بين مجتمع المدينة ومجتمع الريف. فالنظام الإقطاعي الذي دعمه العثمانيون قد جعل الفلاح يأتي في آخر القائمة الاجتماعية. وكان الفلاح محل استغلال الشيوخ والمرابطين والقواد والخلفاء والجنود وغيرهم من أصحاب الحكم والنفوذ الذين كانوا يتلقون مسؤولياتهم من البايات أو من ممثليهم في الأقاليم. وقد نجح العثمانيون في تدعيم سلطتين في الريف الجزائري الأولى سلطة روحية تتمثل في لجوئهم لأهل الصلاح والخير وأهل الطرقية والتعرف يتزلفونهم ويحمونهم ويطلبون بركاتهم وعونهم على الرعية - والثانية سلطة دنيوية وتتمثل في شيوخ القبائل وقواد العشائر الذين كان العثمانيون يمدونهم بالسيف والبرنس ويقطعونهم الأراضي ويضيفون إلى ذلك بعض الحاميات العسكرية في الوقت المناسب لتأديب الناقمين عليهم وتخويف الباقين من السكان. وكان الجميع متعاونين على استغلال عرق الفلاحين وأهل البادية إلى أقصى حدود الاستعلال، وكان الذي لا يستطيع أن يدفع اللزمة أو الحكر أو الضريبة يصبح مخزنيا أي خادما في صفوف المستغلين، وبذلك يصبح هو بدوره مستغلا لغيره، لأن عليه، في هذه الحالة، أن يبرهن على ولائه للسلطة بمعاقبة الرعية والمغالاة في ذلك. والحديث هنا طبعا عن الجماعات وليس عن الأفراد. ذلك أن هناك قبائل بأسرها قد خرجت من حالة الرعية إلى حالة المخزنية لكي ترقى من حالة كونها موضع استغلال إلى كونها هي نفسها مستغلة لغيرها بل أداة استغلال. وقد كان كثير من الحضر ومن الكراغلة وأصحاب السلطة يملكون أراضي وبساتين خارج المدن، وكانوا يعطونها للفلاحين يعملون فيها لهم عن طريق (الخماسة) لأنهم لا يستطيعون العمل فيها بأنفسهم بحكم تجارتهم وأعمالهم الأخرى في المدن. ونحن نجد في الأرشيف وفي كتابات الأسرى