للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزيارة الشيخ عبد السلام لها مقدمات وإرهاصات، كان الشيخ متزوجا من معلمة انكليزية، كما قلنا، وقد أنجب منها ولدين هما العربي ومحمد، وله ولد ثالث اسمه التهامي، من زوجة أخرى، ولكي تضمن فرنسا الاستمرارية في العقب لجأت إلى نظام الحماية وضمان التدخل في شؤون العائلة، وتمهيدا لذلك جاءت ببعض أبناء الشيخ لكي يدرسوا في الجزائر ويعالجوا في فرنسا، والواقع أن الشيخ عبد السلام قد طلب الحماية الفرنسية منذ ١٨٧٦ ولكنها رفضت له، ويشيد الفرنسيون رغم ذلك، بموقفه منهم، لأنه (تفهم) الرفض وبقي على موقفه مؤيدا للمصالح الفرنسية، وإذن لا بد من تجريبه ووضعه على المحك لمعرفة إخلاصه، وفي سنة ١٨٨٣ طلب الشيخ منحة لأحد أبنائه من غير المرأة الإنكليزية، فحصل عليها، وجاء ذلك الابن إلى الجزائر ودخل الليسيه الوحيد فيها، وفي سنة ١٨٨٤ حصل الشيخ على لقب (حماية فرنسي) بشروط معاهدة مدريد، وكان ذلك ضربة معلم من فرنسا، حسب تعبير وثائقها لأنها كانت ستجد صعوبات جمة في الجزائر وغيرها لو بقي أتباع الطيبية خصوما لها، وهذه الوثائق تتحدث بل تفخر بأن الحماية الفرنسية على زاوية وزان وشيخها قد ساعد على نشر سمعة فرنسا في المغرب الأقصى، وأشادت بالشيخ عبد السلام لمقاومته انتقاد المسلمين له على دخوله تحت الحماية الأوروبية (١). ولا شك أن فرنسا قد عاونت أيضا الطريقة الطيبية على الانتشار في الجزائر، على حساب الطرق الأخرى، للمصلحة المشتركة بين فرنسا وبين الطيبية، ولا سيما في القضاء على ثورة بوعمامة.

وتوالت زيارات أقطاب زاوية وزان إلى الجزائر على عهد كامبون، ففي سنة ١٨٩٢ توجه الشيخ عبد السلام لزيارة زواياه في الجنوب، وركب في موكب (قوم) كبير بقيادة أولاد سيدي الشيخ، وحل الوفد بتوات وغيرها.


= انظر إفريقية الفرنسية (A، F) نوفمبر، ١٨٩٥، ص ٣١٤.
(١) رين، مرجع سابق، ٣٨٢ - ٣٨٤،

<<  <  ج: ص:  >  >>