للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعطى الشيخ بركته لمقدميه وإخوانه، وجمع منهم الزيارات برخصة من فرنسا، واعتبرت فرنسا مجرد دخوله تلك المنطقة عنوانا على سيطرتها هي السياسية ودخولها أيضا تحت سيادتها، لكن الشريف عبد السلام لم يكد يرجع إلى بلاده حتى أدركه الموت، وقيل إن ذلك راجع إلى تعبه الشديد من الرحلة وإلى تقدمه في السن، ولا ندري كيف فسرت الخرافة الشعبية موته المفاجئ، ولكن الفرنسيين حققوا هدفهم على كل حال، فقد تدخلوا في شؤون الزاوية إلى أن أوصى الشيخ بالبركة لابنه العربي فأصبح على رأس الزاوية الأم، وبعد انتصابه جاء أيضا إلى الجزائر خلال غشت ١٨٩٢، واستقبله الحاكم العام بحفاوة مبالغا فيها في قصر مصطفى باشا الرسمي، وأعلن الشيخ العربي للفرنسيين أنه سيتبع سياسة والده نحو بلادهم (١). وقبل رجوعه تفقد أيضا زواياه وأتباعه في إقليم وهران، ووسم بوسام جوقة الشرف الذي طلبه بنفسه، حسب الرواية الفرنسية (كأن الأوسمة تعطى حسب الطلب؟). وهناك زيارة أخرى قام بها علي بن محمد بن عبد السلام الوزاني سنة ١٨٩٣، وجاء رفقة خمس عشرة شخصية ومنهم كاتب الشيخ الأكبر، الشريف العربي، رئيس الزاوية، وجاء معه بهدية من الزاوية إلى الحاكم العام وتتمثل في حصانين من عتاق الخيل قطعا المسافة برا من طنجة إلى تلمسان، وأعلن أن الزيارة تدخل في نطاق تسمية المقدمين وتفقد الأتباع (٢). واستمرت الزيارات والعلاقات بين الطرفين ما دام كل منهما يحتاج إلى


(١) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ٢٦٨ - ٢٧٠، انظر أيضا (إفريقية الفرنسية) A، F مرجع سابق، فقد قالت إن التهامي بن عبد السلام جاء إلى فرنسا ليعالج من مرض الوحدة asile d'aliène، وذكرت أن ل عبد السلام ولدين آخرين هما أحمد وعلي وكلاهما درس في ليسيه الجزائر، وعلي هذا هو الذي دخل أيضا مدرسة سان سير العسكرية وعمل في الجيش بعض الوقت، وقد ذكرت المجلة أن محمد بن عبد السلام الوزاني قد توفي سنة ١٨٩٥ بوزان، وأنه طالب فرنسا بالتدخل في شؤون البيت الوزاني حماية لمصالحها، لأن هناك مؤامرات، كما قالت، وهناك أملاك ومصالح تجبر فرنسا على التدخل في شأن الوراثة بالزاوية.
(٢) إفريقية الفرنسية (A، F) أكتوبر ١٨٩٣، ص ٧،

<<  <  ج: ص:  >  >>