للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأهله ومعه ولد الشريف بوبغلة.

وعلى أثر احتلال زواوة سنة ١٨٥٧ ونفي الحاج عمر وقعت خيبة أمل في المرابطين المقاومين وتحول الناس إلى الطرق الصوفية، وكانت الرحمانية هي زعيمة الطرق في زواوة، وكانت قبل ذلك التاريخ منحصرة في القشطولة وما جاورها، ولكن التضييق من جانب الفرنسيين ثم الاحتلال وهدم الزاوية الأم، أدت إلى انتشار سريع للرحمانية عكس ما كان يتوقع الفرنسيون، وقد ظهر الأدب الشعبي الذي يعبر عن خيبة الأمل في المرابطين، فقد خاطب الشاعر الشعبي، المرابط ابن أعراب الذي كان يعتقد أنه سيقوده إلى النصر قائلا: (لماذا اختفيت أيها المرابط، يا ابن أعراب البائس؟ لماذا قلت لنا إن النصارى لن يصعدوا إلى الجبال؟ ألم يصلوا إلى بني يني؟) إن الطرق الصوفية إذن هي التي جعلت المناضلين يختفون عن أنظار الفرنسيين، ويدخلون في حركة سرية، ورأى الفرنسيون أن هذه الطرق تشكل خطرا داهما عليهم، وهم يعنون الرحمانية هنا، ورأى المرابطون أنهم لا يستطيعون وقفها فدخلوا فيها أيضا حتى لا يظهرون بمظهر المتخلين عن الدين، ومن ثمة يضمنون الإبقاء على نفوذهم، وكانت الطريقة تتميز بطابع المساواة بين الجميع، ومن ثمة كانت تتلاءم مع طبيعة الناس أيضا، فجميع الطبقات، بما فيها النساء تجد نفسها في الطريقة، وهم يتواصون بالعزلة عن الناس وبالسهر والخلوة والصيام والذكر والاجتماع للصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) وإقامة الحضرة (١).

إن نفي الحاج عمر قد أدى إلى إنشاء فرع في الكاف (تونس) للرحمانية، ومن هناك اتسع نفوذها أيضا في سوق أهراس ونواحيه، كان الحاج عمر متزوجا من حفيدة علي بن عيسى المغربي، خليفة محمد بن عبد الرحمن، وقد أسس علي بن عيسى (الحفيد؟) زاوية الكاف الرحمانية التي يشير (كور) إلى أنها لم تكن بعيدة عن ثورة ١٨٧١ أيضا، وكان علي بن


(١) هانوتو ولوتورنو (بلاد القبائل). ط ٢، ج ٢/ ٩٩ - ١٠٥،

<<  <  ج: ص:  >  >>