وطولقة وسوف ونفطة تشعر بالاستقلال لبعدها عن المركز، فإن أتباع الشيخ الجعدي ظلوا على ولائهم له في المعاتقة ونواحيها، وكانت لهذا الفرع حضرة سنوية في جامع سيدي نعمان، وقد انضم إلى هذا الفرع أبناء الحاج البشير، الخليفة السابق، وهما محمد الصالح ومحمد البشير، وكان هذان الأخوان يقيمان الحضرة في جامع (عزوم النبي) بين قرية ايغندوسن وقرية إحدادن (١). ولكن هذا التفرع لم يمنع من انضمام الرحمانية في المعاتقة إلى إخوان الشيخ الحداد بعد إعلان الجهاد سنة ١٨٧١، وكان الرحمانيون في المعاتقة ممن تحمسوا للجهاد والعداء للفرنسيين، وقد حكم هؤلاء بالنفي على الشيخ محمد الجعدي.
هذا عن فروع الرحمانية في زواوة إلى ١٨٧١، فماذا عن فروعها الأخرى في الجنوب والشرق؟ ذكرنا أن الشيخ الأزهري قد قدم عنه محمد بن عبد الرحمن باش تارزي في قسنطينة، وهو شيخ جمع أيضا بين العلم والتصوف، وقد ورث الشيخ باش تارزي بركة الطريقة لابنه مصطفى الذي ورثها أيضا لأبناء عائلته (باش تارزي) فترة طويلة، ولكنه ورثها أيضا لشخصية أخرى خارج قسنطينة، وهو محمد بن عزوز البرجي (برج طولقة). ويعتبر محمد بن عزوز هذا ليس مقدما للرحمانية في الجنوب فقط ولكن في جريد تونس أيضا، كما أنه لشهرته وكثرة فروع أتباعه، أصبح كأنه مؤسس لطريقة جديدة، تسمى العزوزية - الرحمانية، وكان احتلال بسكرة من قبل الفرنسيين وتطور أحداث الجزائر وتونس سببا آخر في تفريعات هذه الطريقة، فعند احتلال بسكرة (١٨٤٣ - ١٨٤٤) هاجر مصطفى بن عزوز (بن محمد) إلى نفطة بتونس وأسس، بها زاوية رحمانية أصبحت ذات شهرة واسعة في العلم والتصوف وملجأ للهاربين من ظلم الاستمعمار الفرنسي، سيما قبل احتلال تونس سنة ١٨٨١، وتجدر الإشارة إلى أن الحسين بن عزوز (وهو ابن محمد أيضا) كان قد تولى للأمير عبد القادر الخلافة على الزيبان قبل اعتقاله ونفيه إلى أحد المنافي الفرنسية، فالعلاقة بين الدين والتصوف والثورة