للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما، وهو محمد الصغير إلى الجزائر فسجنته السلطات في بريكة، ثم كتب سنة ١٨٨٠ رسالة إلى خاله معمر، يعلن توبته وخضوعه لشروط الزاوية، باسمه وباسم أخيه الذي بقي في تونس، فأطلق الفرنسيون سراح محمد الصغير، ورجع الوئام بين الزاوية والأخوين، ولكن الفرنسيين بقوا حذرين من هذا (الوئام) فقد أقام الأخوان زاوية جميلة وكبيرة في الطيبات (مقر أولاد السائح) القبلية وسكنا فيها، ورأى الفرنسيون أن معمر قد يكون اكتفى بعدم التعرض لزاوية نائشة، وأن الأفضل نسيان ما حدث من ابني أخته، ولكنهم (الفرنسيين) كانوا يتوجسون خيفة من انفصال هذه الزاوية عن زاوية تماسين، كما حاولت هذه الانفصال عن عين ماضي (١).

وهناك حادثة أخرى وقعت في زاوية تماسين لعلها أكثر أهمية لما لها من آثار على العلاقات مع زاوية عين ماضي أيضا، ونعني بذلك الانقسام الذي حدث بعد موت الشيخ محمد الصغير سنة ١٨٩٢، فقد تولى أخوه معمر، شؤون الزاوية الروحية والزمنية لمدة سنة واحدة (٢). ثم وقع انتخاب محمد بن محمد العيد خليفة له، دون إعادة هذه الخلافة لزاوية عين ماضي برئاسة أحمد التجاني، ويفهم من المصادر الفرنسية أن عائلة الحاج علي نفسها لم تكن متفقة على هذا الانتخاب، فإذا كان موقف زاوية عين ماضي معروفا وقديما منذ انتخاب محمد الصغير سنة ١٨٧٥، فإن ما حدث بزاوية تماسين يعتبر جديدا ويحتاج إلى معالجة حكيمة قبل أن يستفحل ويظهر للعيان، يقول ديبون وكوبولاني إنه بعد انتخاب محمد بن محمد العيد زعيما روحيا للطريقة التجانية كلها، خرج البعض وشكلوا حزبا في تماسين، بعضهم لم يعترفوا ببركته (عهدته) والبعض الآخر لم يعترفوا إلا ببركة زاوية عين


(١) رين، مرجع سابق، ص ٤٤٠ - ٤٤١.
(٢) يبدو أن سبب التغيير السريع هو وفاة معمر المذكور، سنة ١٣١٠ هـ (١٨٩٣). انظر وصف (رين) وفيليب له فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>