للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد لفت نظر الدارسين الفرنسيين ما في (الكناش) من آراء (مستقلة) ومن ليبرالية نحو المسيحيين، فأورد رين العبارة التي ذكرناها حول شمول حب الله للمسيحيين، حسب تفسير التجاني، كما أورد رأي التجاني في لعنة الله بمن يعطي الزكاة للطغاة من الأمراء المسلمين، ولكي لا يسري ذلك على (الطغاة) الفرنسيين أيضا علق رين بقوله: إن التجاني يعني الحكام الأتراك، لأن هذا الرأي إذا تمسك به التجانيون فلن يجلب إليهم الأنصار في شمال إفريقية، وكان رأي رين صريحا عندما استنتج من ذلك وهو يخاطب الفرنسين، إن موالاة التجانية لفرنسا قد ضربت التجانيين في الصميم وعرقلت تطور طريقتهم، ولكنه قال إن المرء إذا عرف أن هذه الأفكار - حول المسيحيين وعلاقتهم بالله - قد ولدت في قصر بفاس وفي بلاد إسلامية أوائل القرن التاسع عشر، ويتأكد أن المؤلف لا علاقة له بالمسيحيين، يعرف مدى استقلالية التجاني في تفكيره (١).

وهذه الليبرالية والاستقلالية والتسامح التي استوحاها رين من كلام أحمد التجاني في (الكناش). قد أخذها وألح عليها سابقه، دو فيرييه أيضا، فقد قال هذا إن التجانية طريقة تؤمن بالتسامح والليبرالية، وأخذ يشرح عبارة (ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم) الواردة في أذكار التجانية، بأنها تعني نصرة القانون بالقانون والتسامح في طريق الله، وتعني أيضا أن الحق يتبع الحق، وأن كل ما جاء من عند الله يجب أن يحترم، واستنتج دو فيرييه، بحرية مطلقة، قائلا: إن هذه الفلسفة هي التي أدت إلى مواجهة الأقلية (الأوليغاركية) التركية وإنهاء القرسنة، ويعني بذلك طبعا الاحتلال الفرنسي وهيمنة فرنسا على الجزائر، فكأن (فلسفة) التجانية قد وجدت من ينفذها وهي فرنسا، أما عن الكناش نفسه فقال دو فيرييه: إنه (دليل) إخوان التجانية، وهو ينص على أن كل شيء سائر في طريق الله لا


(١) رين، مرجع سابق، ص ٤٤٩ (لم نستطع التأكد من ترجمة العبارة حول الزكاة للطغاة).

<<  <  ج: ص:  >  >>