التجانية). ولم يكن ابن باديس فيما يبدو ضد الطريقة في حد ذاتها ولكن ضد أمور اعتبرها إلحادية وضالة ومنومة لأتباعها. وقد طلب من علمائها والمنتسبين إليها أن ينفوا ذلك عنها وأن يتبرأوا منه نفيا للتضليل في الدين، ولكنه قال إنه لم يتلق أو يقرأ بيانا في ذلك، إلا ما جاء على قلم سكيرج.
قال الحجوي:(إن التجانية ليست كسائر الطرق بدعة وضلالة في الإسلام، بل هي هدم صريح وضد عتيد للإسلام ...). فأخذ ابن باديس هذه العبارات وأوضحها قائلا إنه صرح بما جمجم به الحجوي:(صرحنا فيه بذلك، وبيناه بدلائله، وبنينا كلامنا فيه على كلام الشيخ الحجوي، وطلبنا من جميع المنتسبين للتجانية أن ينفوا ما نسب إليها أو يتبرأوا منه، وتحديناهم في ذلك، فلم نر منهم جوابا من عالم إلى الآن)، ثم قال ابن باديس:(نعم، إن الحملة على الطرقية وبيان ضلالتها وفضح التجانية وبيان إلحادها، كل ذلك محمول على كاهلي ومربوط به رأسي، وإن كنت فيه كواحد من إخواني)(١).
أما الشيخ أبو يعلى الزواوي فقد هاجم فكرة (المهدي) المنتظر من أساسها، واعتبر الإيمان بالعصمة والشعوذة من الضلالات، وقال إن ما جاء به ابن تومرت من مبدإ (الإمام المعصوم المهدي المعلوم) فكرة ملعونة، واعتبر هذه الدعوة التي جاءت في قواعد الدولتين الفاطمية والموحدية، دعوة المهدي والعصمة، إنما هي ضلالة ولعنة، وقد أخذها المتصوفة أيضا وبالغوا فيها، ولذلك سلط نقده العنيف على الطرقية وأدعياء العصمة في الشيخ،
(١) البصائر، ٣ مارس، ١٩٣٩، كان ابن باديس يرد على راديو مونديال ووكالة هافاس لأنهما نقلا عن سكيرج أنه كتب كراسا في الرد على ابن باديس، ووصفا سكيرج بأنه من حملة الأقلام، وتساءل ابن باديس: (هل رأيتم آثار قلمه في نصرة حق أو مقاومة باطل أو إعلان فكرة أو تقرير مبدإ أو توجيه شعب ... غير ما يسوده من صحائف في طريقته الضالة من الكلام المعاد فيستدر بها أتباعها المنومين). كتب ابن باديس ذلك سنة قبل وفاته.