للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرضهم ودافعوا عنها ثم عجزوا وأصبح دفاعهم يؤدي بهم إلى التهلكة والانتحار، وكان الكافر قد سمح لهم بإقامة شعائر دينهم، هل تجب عليهم الهجرة؟ أخذ ليون روش هذه الفتوى وغير اسمه إلى عمر، واصطحب معه مقدم التجانية وبعض المقدمين الآخرين، واتجهوا إلى القيروان، والقاهرة، ومكة، ورجعوا بما أفاد ضرورة بقاء المسلمين في بلادهم وليس عليهم حمل السلاح ما داموا قد عجزوا عن الدفاع، وعليهم بالتسليم والاستسلام (١).

وقد استفادت السلطات الفرنسية من هذه الفتوى في بسط نفوذها على الجزائر، واستصدر جول كامبون أيضا سنة ١٨٩٥ فتوى شبيهة من علماء المشرق لبسط نفوذ فرنسا في الصحراء وقمع الثورات، وقد شارك العلماء الجزائريون في وضع صيغة هذه الفتوى رغم أننا لا نعرف أسماءهم الآن. وعهد كامبون بتنفيذ الخطة إلى السيد كورتيلمون (٢).

هذا عن الهجرة العامة، أما عن الهجرة الخاصة، فالعلماء استمروا في قلقهم كأفراد ولم يكونوا مرتاحين لوضعهم الديني الاجتماعي، وقد روت المصادر أن المفتي علي بن الحفاف كان يفكر في الهجرة فثبطه محمد بيرم الخامس وذكره بأن وجوده ضروري لحفظ الدين وتعليم العامة، فوجوده في الجزائر كان في حد ذاته نوعا من الجهاد، وقد هاجر الشيخ حمدان الونيسي القسنطيني بعد أن ضايقه الفرنسيون في بداية هذا القرن، وهاجر أيضا الشيخ قدور بن محمد بن سليمان المستغانمي، والشيخ عمار بن الأزعر القماري، والقائمة طويلة (٣).

وكان لرجال الدين (مجلس علمي) يحلون فيه القضايا الكبيرة أو


= أيضا هم مقدمو الزوايا الطيبية، وسيدي عقبة، وأولاد سيدي الشيخ.
(١) انظر كتاب ليون روش (اثنان وثلاثون سنة في الإسلام). ١٨٨٤، جزآن.
(٢) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ٣٧، سنخصص لموضوع الهجرة فقرة كاملة في فصل مذاهب وتيارات.
(٣) انظر فصل في المشارق والمغارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>