للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأتراك هناك بصنع الكحول وشربها في مكة، وقد رد عليه في ذلك بعض علماء المسلمين الحاضرين، كما رد عليه ابن أبي شنب ضمنيا في مقاله، وكانت توصيات بروفاش شبيهة بتوصيات زميله ألار (١).

وطبقا لهذه التوصيات سارت الأمور في عهد شارل جونار الذي أظهر نوعا من التسامح مع المسلمين الجزائريين في مجال الحج، فقد كتب أحد الفرنسيين مشجعا على الحج باعتباره سيعطي نتائج إيجابية لفرنسا، وقال هذا الكاتب: إن الحجاج الجزائريين يرجعون إلى دواويرهم ويقارنون بين ما رأوا في الحجاز وما يعيشونه في الجزائر، ففي الشرق سيجدون التعصب والكحول، وسيجدون الجنود عاجزين عن وقف الهجوم على كسوة الكعبة، وهذه الصورة السيئة ستتغير عند الحاج إذا رجع إلى موطنه وعندئذ سيحمد حكم فرنسا، وهذا هو التطور البطيء الذي عناه (ألار). ولا شك أن الدعاية الفرنسية كانت تصور الشرق على النحو المذكور تمشيا مع وصية جيرفي من جهة، وإعطاء صورة متناقضة عن صورة فرنسا في المشرق، وقد أضاف المستشرق (هوداس) أن مكة ستفقد قيمتها الدينية والتجارية لدى المسلمين بتقادم الزمن!.

وفي هذه الأثناء أيضا قام الدكتور الطيب مرسلي، وهو طبيب جزائري متزج من فرنسية ولعله كان أيضا من المتجنسين بالجنسية الفرنسية، قام بجولة طويلة في الحجاز، وسجل ملاحظات لفائدة الإدارة الفرنسية (٢). وهناك ثلاثة من هذه الملاحظات نود التوقف عندها، الأولى: مكانة بني ميزاب عند الشريف عون، شريف مكة، فهو يفضلهم على غيرهم من الحجاج الجزائريين، حسب هذه الرواية، حتى أنه هدم بعض آثار مكة استجابة لشكواهم سنة ١٩٠٢، وكان بنو ميزاب يزاولون التجارة أيضا أثناء الحج ويربطون علاقات التجارة مع الهنود والسوريين، والملاحظة الثانية:


(١) محمد بن أبي شنب، عرض ما ألقي في مؤتمر المستشرقين ١٤ (الجزائر ١٩٠٥). المجلة الإفريقية، ١٩٠٥، ص ٣٢٨ - ٣٢٩.
(٢) عن الدكتور مرسلي انظر فصل الترجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>