للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الذبائح والتبذير فيها إذ روى الدكتور مرسلي أن حوالي مائة ألف رأس قد استهلكت في ذلك، والملاحظة الأخيرة أن القاضي لم يوافق على أن يأخذ الحاج عددا كبيرا من النسوة معه إلى الميناء، وذكر من ذلك بالخصوص حجاج الضواحي العليا لمدينة الجزائر (١). إن هذه الأمور الدينية إذا أضيفت إلى الأمور الاقتصادية والصحية والسياسية تجعل الفرنسيين يعرقلون الحج ويتدخلون فيه دون الرجوع إلى الهيئة الدينية الرسمية.

كان الحاكم العام جونار قد أعلن سنة ١٩٠٧ عن الترخيص بالحج وقيام الإدارة بالتزاماتها الدينية نحو الجزائريين، ونشرت الجرائد المحلية ذلك في أكتوبر من نفس العام، وبعد بضعة أشهر تغير الموقف فجأة، وأعلن نفس الحاكم العام عن منع الحج عام ١٩٠٨، وسواء أكان المنع لأسباب صحية، كما جاء في الإعلان، أو لأسباب أخرى، فإن الناس لم يصدقوا الرواية الرسمية، ذلك أن من بين الأسباب الخفية حالة التذمر التي بدأت في الجزائر منذ أنشئت لجنة لدراسة فرض التجنيد على الشباب، وقد أخذت بعض العائلات والأفراد تهاجر سرأ وعلانية، كما أن تطور الأوضاع في تونس والدولة العثمانية في نفس الفترة كان يساعد على التفكير في أن السبب في المنع لم يكن كله صحيا، ومع ذلك فالبيان الصادر من الحكومة العامة قد هول الحالة، وقال: إنه قد ظهر الوباء في السواحل الجزائرية، ورغم الاحتياطات فإنه يخشى من انتشاره إذا تجمع الحجاج في الموانئ، وأضاف البيان أن الكوليرا قد انتشرت في البحر الأحمر، وأن لها ضحايا من حجاج الهند، وغيرهم، وأن البرقيات تحدثت عن ظهور الكوليرا في مكة أيضا، وأن ضحاياها بلغوا ٨٠ ضحية، منها ٥٠ حالة مميتة، ومن جهة أخرى أصبحت مصر مهددة أيضا حيث ظهرت الكوليرا في دمياط، وأمام كل ذلك قرر الحاكم العام (جونار) التراجع عن قراره السابق (٢).


(١) من مقالة كتبها بروفاش Bruvache بعنوان (الحج إلى مكة) في S.G.A.A.N، ١٩٠٥.
(٢) إفريقية الفرنسية، فبراير، ١٩٠٨، ص ٥٩. عن إلغاء الحج سنة ١٩٠٨ انظر أيضا =

<<  <  ج: ص:  >  >>