للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموال والتسلط العسكري، ولم يكونوا، حسب هذا الرأي، مسلمين عن عقيدة راسخة، بل إن إسلامهم كان رقيقا فاترا. ولذلك لم يعطوا أهمية لتطوير العقيدة ونشر الثقافة ولم يهتموا بالدين إلا إذا كانت له عواقب على الحكم والأمن. ومن ثمة كانت لهم سياسة خاصة حول الطرق الصوفية. ولأهمية هذه الطرق عند السكان حاول العثمانيون التفاهم مع مرابطيها. وأحيانا وقفوا منها موقف الحياد (١). وهناك من بحث الموضوع من زاوية أخرى فرأى أن العثمانيين عندما جاؤوا إلى الجزائر كانت الطريقة الشاذلية والقادرية سائدتين فيها فتحالف العثمانيون مع أحمد بن يوسف الملياني الذي كان من أبرز متصوفة الطريقة الشاذلية وكان أيضا ضد الزيانيين في تلمسان. وقد استمر التحالف إلى القرن الثاني عشر. ففي هذا القرن تغير ميزان القوة بنقص موارد البحر مما أدى إلى فرض الدولة ضرائب جديدة على السكان. وهذا التحول الاقتصادي قد أدى إلى تحول في العلاقات الدينية - السياسية بين العثمانيين وحلفائهم المرابطين. فمنذ نهاية القرن المذكور شهدنا في الريف ثورات المرابطين على العثمانيين. أما في المدن فقد ظل العلماء والمرابطون على تحالفهم مع العثمانيين طالما أن هؤلاء يضمنون لهم العيش الرغد والتعويضات اللازمة (٢).

وقبل أن نشير إلى خلاصة هذه الآراء حول سياسة العثمانيين الدينية في الجزائر نشير من الناحية الجغرافية إلى أن الغرب الجزائري قد انتشرت فيه الطريقة الشاذلية والقادرية والتجانية والطيبية والدرقاوية والزيانية، بينما شاعت في الشرق الجزائري الطريقة الرحمانية والحنصالية والشابية بالإضافة إلى القادرية والشاذلية أيضا. ومما يذكر أن القادرية قد وجدت تأييدا خاصا من العثمانيين في الجزائر، ولكن علاقتهم بها كان يشوبها في العهد الأخير،


(١) ألفريد بيل، (الإسلام في برباريا - شمال إفريقية) في كتاب (التاريخ ومؤرخو الجزائر) ١٩٤ وسنعالج هذه النقطة في الفصل السادس من هذا الجزء.
(٢) بيير بواييه (هل للأتراك سياسة دينية في الجزائر؟) (مجلة الغرب الإسلامي) ٦١، ١٩٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>