بعض الشك وعدم الاطمئنان. ويظهر ذلك من معاملتهم لشيخ القادرية في زاوية القيطنة أوائل القرن الثالث عشر.
إن علاقة العثمانيين بالطرق الدينية في الجزائر علاقة معقدة وتحتاج إلى دراسة مستفيضة وغير متحيزة. ويتفق معظم المؤرخين على أن الأتراك كانوا من الناحية الدينية مسلمين راسخي العقيدة لأنهم كانوا يعرفون أن الإسلام هو رصيدهم السياسي وهو مصدر قوتهم. وقد أقاموا دولتهم ونظامهم على الجهاد منذ ظهورهم وتقدمهم سواء ضد البيزنطيين أو ضد روسيا ودول البلقان أو ضد إسبانيا وغيرها من الدول المسيحية. ولكن الإسلام الذي اعتنقه العثمانيون واتخذوه وسيلة للغزو (وقد كانوا يفتخرون بلقب الغازي والغزاة) والجهاد لم يكن هو إسلام الخلفاء الراشدين ولا إسلام الصحابة والتابعين. فقد كان إسلاما مشوبا بتقاليد وعقائد جديدة. ومن هذه التقاليد والعقائد ما مارسه الدراويش (والكلمة هنا متعملة في معناها التاريخي وليس في معناها المعاصر الذي قد يوحي بشيء من الاحتقار) على الجنود العثمانيين (الإنكشارية) الذين كانوا إما من شعوب آسيا، وأناضوليا على الخصوص، وإما من شعوب البلقان المغلوبة، وإما من المرتدين عن المسيحية الذين وإن كانوا قد اعتنقوا الإسلام، قد حافظوا على بقايا العقلية الأوروبية والتقاليد المسيحية. وكان الجندي الإنكشاري الذي يأتي إلى الجزائر يحمل معه هذه العقائد والتقاليد من درويش أناضوليا وروميليا (الطريقة البكداشية). وعندما يحل بالجزائر يجد مرابطين آخرين يزودونه بالبركات والدعوات كلما امتطى سفينته ليمارس نفس المهمة التي كان يمارسها آباؤه في أناضوليا والبلقان، وهي الغزو والجهاد في سبيل الإسلام والغنائم (١). وهذا يفسر بدون شك، ما سنعرفه من أن هؤلاء الجنود كانوا،
(١) انظر ما كتبه بيري رايس عن مرابط بجاية محمد التواتي. وكذلك علاقة الباشا محمد بكداش بأحمد البوني، وغير ذلك من القصص التي تعكس هذا الاتجاه. ولاحظ أيضا أن معظم الجنود كانوا من المغامرين ومن نفايات المجتمع العثماني في المشرق، بل إن بعضهم كان من المحكوم عليهم في بلدانهم. وقد ذكر بيتز الذي =