للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوربيين والفرنسيين فإنها كانت تطبق في الحقيقة القوانين الاستئنافية على المسلمين (١). وكان غرض المحاكم الفرنسية من ذلك هو قمع الثورات والقضاء على المقاومين والمشتبه في أمرهم والاستيلاء على الأراضي، فكانت السجون والإعدامات والمحتشدات وأحكام النفي الفردي والجماعي والتغريم ومصادرة الأملاك.

وكأنه عز على الفرنسيين أن يسير الجزائريون شؤونهم دون الرجوع إليهم، فقد كانت دولة الأمير عبد القادر قد اهتمت بسير القضاء اهتماما خاصا، وكان الأمير قد اجتهد في تعيين أفضل العناصر في القضاء سواء لدى الجيش أو لدى الشعب في المناطق التي عليها خلفاؤه، وقد جلس هو شخصيا للقضاء يوميا، وإليك ما تحدث به أحد الفرنسيين عن عناية الأمير بالقضاء، فقد جعل لكل قبيلة قاضيها الخاص، ومهمة هذا القاضي الفصل فيما ينشأ بين الأهالي من منازعات إذا لم تكن قد حلت عن طريق القائد أو الآغا أو الخوجة أو الخليفة أو حتى الأمير نفسه، وألحق الأمير بكل خوجة قاضيا، يساعده أربعة عدول، ويحكم القاضي ضد الأشخاص الذين اتهموا بالجرائم وغيرها من المخالفات، لكنه لا يستطيع إصدار حكم الإعدام على أحد إلا بحضور الخليفة نفسه، وبعد الاستماع إلى الشهود ومعرفة القرائن، وللقضاة شواش يسهرون على تنفيذ الأحكام الصادرة عنهم وهي تتراوح بين الإعدام وقطع اليد اليمنى والجلد والغرامة والسجن أحيانا، والأمير هو وحده الذي يعلن عن حكم السجن (وهو حكم غير معمول به في العادة). أما في القضايا الخلافية بين عدة أطراف فإن الذي يحكم فيها هو المجلس - وهناك مجلس في كل إقليم - الذي يراجع أحكام القضاة (٢).


(١) بلقاسمي، رسالة ماجستير، مخطوطة - بالإنكليزية، ص ٨٦، وكذلك أحمد توفيق المدني (كتاب الجزائر). ص .... وكذلك السجل (طابلو) سنة ١٨٤٥ - ١٨٤٦، ص ٨٤.
(٢) توستان دي منوار، مذكرة نشرها مارسيل ايمريت (المجلة الافريقية)، ١٩٥٥، ص ١٤٧، انظر أيضا: (تحفة الزائر) ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>