وقد ترك أولادا تولوا أيضا القضاء مثله، ومنهم محيي الدين وأبو بكر ومحمد المأمون، تولى الأول القضاء في إقليم قسنطينة والثاني في عدة أماكن، منها البليدة، أما الثالث فقد كان نائب القاضي (باش عدل) في وهران (١). وكان أحمد المجاهد من المثقفين بمفهوم ذلك الوقت، فإلى جانب تكوينه المشار إليه في الجزائر وطنجة وتونس والشام، كان يقرض الشعر، وقد مدح به عددا من الشيوخ من رجال العلم والتصوف، وسنذكر ذلك في مكانه، فهو من القضاة المخضرمين الذين لم يتكونوا في المدرسة الفرنسية ولكنهم عاصروا المتخرجين منها، وكانوا عندئذ متقاربين في التكوين والتفكير.
٢ - الطيب بن المختار بن البشير: وهو يعتبر كأحمد المجاهد من عدة وجوه، فهو أيضا من مواليد معسكر، ومن أقرباء الأمير عبد القادر، كما هاجر إلى الشام، وعاش هناك فترة، إلى جانب أبناء موطنه وغيرهم من المهاجرين، ثم عاد إلى الجزائر، ربما بتحريض من الأمير، الذي هو ابن عمه، كما يقول، وتولى الطيب بن المختار القضاء للفرنسيين وعاش في الجزائر، ولكنه عاود الزيارة إلى دمشق، وتوفي بالجزائر سنة ١٣٠٧، ويهمنا من ذلك وظيفته في القضاء، فقد درس في معسكر على شيوخها عندئذ، ومنهم مصطفى بن التهامي، خليفة الأمير وصهره، وابن عبد الله سقط
(١) سنعرض لمؤلفات أحمد المجاهد في جزء آخر، انظر عنه (تعريف الخلف) ٢/ ٧٢، وكذلك كريستلو (المحاكم ..). ص ٢١٣، ٢٨١، وهو الذي جعل تاريخ الوفاة ١٣٠٨، أما الحفناوي فجعله ٣٠٧، انظر أيضا ابن سديرة (كتاب الرسائل)، ص ١٢٧، وكان أخو أحمد المجاهد، وهو زين العابدين بن محمد بوطالب قد تولى أيضا القضاء في عدة أماكن (سطيف، غليزان، القليعة، بجاية، الخ ..) ولكنه عزل منه لأسباب نجهلها، سنة ١٨٨٣، وقد جاء في بعض المراجع أنه كان يطالب السلطات الفرنسية بإعادته إلى وظيفه مستشهدا بولائه وتكوينه في العلوم الشرعية (كان عمره عندئذ ٣٧ سنة ومتزوجا) وبصلته بالأمير عبد القادر، وكان يكتب في ذلك لوزير العدل والأديان، انظر ابن سديرة (كتاب الرسائل) مرجع سابق، وتاريخ الرسالة ١٢ يناير ١٨٨٤ في قسنطينة (عند قاضي قسنطينة).