المشرفي، ثم سافر (الطيب بن المختار) إلى القرويين، ربما لأسباب ترجع إلى الأمن والسياسة، في جملة المهاجرين الجزائريين، وهناك أخذ العلم عن أبي عبد الله المجاوي - والد عبد القادر المجاوي - الذي كان مدرسا فيها بعد هجرته من تلمسان مع القاضي محمد بن سعد.
تولى الطيب بن المختار القضاء للفرنسيين في غريس مدة طويلة، وعمل أيضا في مجلس قضاء معسكر أواخر الخمسينات، وكان عضوا في لجنة (قاستنبيد) التي درست موضوع القضاء الإسلامي واختصاص القضاة المسلمين، وفي سنة ١٨٦٥ ذهب إلى مرسيليا لمقابلة الأمير، وكان ذلك برضى السلطات الفرنسية طبعا، وكان متزوجا من عائلة بو طالب، وهي تمثل فرعا آخر من عائلة الأمير، وله أخ (محمد الصغير) تولى أيضا وظائف في محاكم معسكر، وكلاهما بقي في القضاء إلى تقاعده سنة ١٨٨١، أما عن قرابة الطيب بن المختار للأمير، فهو دائما يسمى الأمير (ابن عمنا)، وقد مدحه بقصيدة أجابه الأمير بمثلها، وسنعرض إليها في فصل الشعر، وكان الطيب يمثل رابطة متواصلة مع أسرة الأمير المهاجرة، على أن هناك من قال إن الطيب بن المختار من أولاد أحمد بن علي، وبعضهم قال إنه قريب بالمصاهرة من أولاد سيدي فريحة بن خاطر، وكان متهما بقتل ابن عم له عندما دخل مجلس قضاء معسكر، وقد ترجم الطيب بن المختار لأعيان غريس في كتابه (القول الأعم). ويبدو لنا أنه كان مثل أحمد المجاهد، من العناصر المخضرمة ومن بقايا المتكونين بقوة في المواد الشرعية، فهو من الفقهاء الذين يجمعون بالمفهوم القديم بين الفقه والتأليف والأدب والشعر (١).
٣ - محمد الشرقي: من أبناء عم الأمير عبد القادر أيضا، وكان منافسا له ولم ينضم إليه عند كفاحه، وتولى الفتوى والقضاء في معسكر
(١) انظر عنه ابن بكار (مجموع النسب) مرجع سابق، ١٤٣، وكريستلو، (المحاكم) مرجع سابق، ٥٢، ٢٧٧، وسنعرض إلى بعض إنتاجه لاحقا.