للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مديرا لمدرسة الجزائر الشرعية - الفرنسية، لاحظ الضابط أن حسن بن بريهمات سهل الانقياد وذكي، وأنه يحب الأفكار التقدمية ويعرف كيف يوائم بين الواجبات الدينية ومتطلبات التقدم، فهو في نظر الضابط (أداة طيعة منقطعة النظير) وظل رأي الفرنسيين فيه ثابتا حتى بعد أن وصفوه بالمسلم الصادق في إسلامه وبالتعامل الضروري مع الفرنسيين أو بأنه رجل تقدمي ومعجب بالحضارة الفرنسية، وقد يكون فعل ذلك تفاديا لإثارة الغضب ضد الفرنسيين وحماية للدين والوطن، كما قال بعضهم (١).

عاش حسن بن بريهمات حوالي أربعين سنة في الوظيف الفرنسي، وتقلب مع مختلف الموجات والحكام، من راندون، إلى بيليسييه، إلى ماكماهون، وديقيدون، وشانزي، وعاش حتى جزءا من عهد تيرمان، وبينما رمت الموجات بزملائه يمينا وشمالا ظل هو يحسن السباحة والغطس والطفو دون أن يمسه سوء، فبالإضافة إلى المدرسة التي نقلت من البليدة إلى الجزائر، عهد إليه في ٢١ مارس سنة ١٨٦٠، مع لجنة من زملائه، بترجمة القانون الخاص بتنظيم المحاكم الإسلامية في الجزائر، وهو القانون الذي أصدره نابليون الثالث في ١٨٥٩، وكان من أعضاء اللجنة المفتي حميدة العمالي والصحفي السياسي أحمد البدوي ومحمد بن مصطفى، وقبل ذلك، أي سنة ١٨٥٤، عين ابن بريهمات عضوا في المجلس الفقهي الذي أنشأه الفرنسيون (٢). ومن الوظائف الأخرى الهامة، رغم أنها رمزية فقط، عضويته في المجلس الاستشاري بالحكومة العامة سنة ١٨٦٥، وهو منصب خاص ببعض الجزائريين الذين تعينهم السلطة (لتمثيل) الأهالي.

وقد نشط ابن بريهمات خلال الستينات، فوجدناه في تونس سنة ١٢٨٦ هـ (١٨٦٩) في مهمة لا نعلمها، وكان يكتب المقالات في المبشر، وينوه بكتاب خير الدين باشا التونسي شعرا ويراسله به، والناس إذا رأوا


(١) آلان كريستلو (محاكم الشريعة الإسلامية)، برنستون، ١٩٨٥، ص ٢ - ١١٤.
(٢) انظر سابقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>