للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شخصا طلع نجمه توجهوا إليه وقلما يسألون لماذا وكيف، وهكذا اشرأبت الأعناق إلى ابن بريهمات فكان هو العالم، والصحفي، والمدير، والقاضي، والمعلم، والشاعر، والنائب ... ففي سنة ١٨٦٠ استضاف حوالي ٤٠ من تلاميذه في بيته بمناسبة عيد الفطر، وكان هؤلاء يتلقون العلم في المدرسة السلطانية التي أسميناها المعهد (الكوليج) العربي، وكان الفرنسيون يحبون هذه المبادرات التي لا تربط بين المعلم والتلاميذ ولكن بين من يمثل أفكارهم والجيل الجديد من الأهالي، حتى أن جريدة المبشر التي أوردت الخبر قالت بعد التنويه إنها مبادرة تدخل في مهمة فرنسا لصالح عامة الناس (١).

وفي السنة الموالية كرر حسن بن بريهمات نفس المبادرة ولكن بمناسبة عيد الأضحى، وبعد تناول الطعام خاطب تلاميذه فنوه بالعلم وحثهم على تقليد أسلافهم الذين رحلوا من أجله إلى الصين، وهذا أمر لا غبار عليه، ولكن المسألة كانت وراء ذلك وهي أن الفرنسيين كانوا عندئذ يشنون حملة لحمل الجزائريين على إرسال أبنائهم إلى المدارس الفرنسية الابتدائية الى ٣٦ التي أنشأوها. وكان معظم الجزائريين يقاطعونها خوفا على أبنائهم من المسخ الفكري ونسيان لغتهم والتأثير في دينهم، ونوه ابن بريهمات كذلك بالدكتور (بيرون) مدير المدرسة (الكوليج). ودعاهم إلى حمد وشكر (سيدنا السلطان نابليون الثالث) ودعا أيضا للامبراطورة (يوجيني) بطول العمر وحفظ ابنها الوحيد (ذلك الفرقد الوقاد) حسب تعبيره، وكان موقف ابن بريهمات عندئذ كموقف ابن الموهوب بعد نصف قرن، إذ قال: على التلاميذ أن يشكروا فضل من أنشأ لهم المدرسة (الكوليج) ويسر لهم العلم (٢).

وحانت فرصة أخرى ظهر فيها ابن بريهمات الشخصية العلمية الأولى في البلاد، وذلك على إثر وفاة الخليفة حمزة زعيم أولاد سيدي الشيخ، سنة


(١) المبشر، عدد ١٥ مايو ١٨٦٠، وكذلك بحث إبراهيم الونيسي.
(٢) المبشر، عدد ٣١٩، ١٢ يوليو، ١٨٦١، كانت الضيفة يوم ١٨ جوان ١٨٦١، وكذلك رسالة إبراهيم الونيسي، وسبب ذكر نابليون وزوجته عندئذ أنهما زارا الجزائر لأول مرة سنة ١٨٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>