للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنذ ١٨٨٣ حث أرنست رينان فرنسا أن تأخذ بيد الشعوب الإسلامية نحو التحرر العقلي، وأن تعين مسلمي الجزائر على أن يكونوا على الأقل في مستوى إخوالمهم في الدين في البلدان الأخرى، وهو يعني هنا مصر وتونس والدولة العثمانية، حيث يتقدم الإسلام في المدارس اللائكية، كما قال، وقد قال عن الإسلام بأنه (يمثل الاتحاد بين عالمي الدنيا والآخرة، المادي والروحي، وأنه تحكيم للعقيدة، وأنه السلسلة الأكثر ثقلا والتي لم تحمل الإنسانية مثلها) (١). ويقول إيميل عمار: إن القرآن كتاب غير مترابط ولكنه مثير للإعجاب في نفس الوقت، وقد ظهرت أثناء ذلك دراسات عديدة عن الطرق الصوفية في العالم الإسلامي والجزائر، وعن (الإسلام الجزائري) كما سماه ادمون دوتيه، وعن الحركات الإسلامية وأثرها على الرأي العام في الجزائر، ولذلك فإن الحديث عن تدوين الفقه الإسلامي في فاتح هذا القرن لم يكن معزولا عما ذكرنا من الآراء المنتقدة للإسلام.

ثم اهتم نواب الكولون في المجلس المالي بفكرة التدوين ظنا منهم أن الشريعة تقف حجر عثرة في وجه المعاملات ولا سيما مسألة الأرض، واهتم بالتدوين المستشرقون الذين تولوا المحاكم وأشرفوا على المدارس الثلاث ومدرسة (كلية) الحقوق وإدارة الشؤون الأهلية، وكان بعضهم يؤمن بأن تدوين الفقه سيفتح المجال امام عقلنة الشريعة وجعلها تواكب العصر وحاجات فرنسا في المغرب العربي وإفريقية، وعلى رأس هؤلاء أوكتاف هوداس مفتش تعليم المدارس الثلاث، وتدخل أيضا روبير ايستوبلان Estoublon الذي عمل في تونس والجزائر، والذي درس الشريعة الإسلامية، فنصح الحاكم العام جونار بأن تستعين فرنسا بعلماء المغرب وتونس، مما يدل على أنه لا يثق في كفاءة العلماء المتخرجين من المدارس الثلاث، ولكن


= بعنوان (الإسلام والعلم)، يوم ٢٩ مارس ١٨٨٣.
(١) كريستلو، (المحاكم)، ص ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>